كيف يواجه العرب والمسلمون بضعفهم أعداءهم الأقوى منهم الآن؟

بقلم عبد المنعم منيب | 1 ديسمبر, 2016
حلب
حلب

الصراع الدائر فى كل انحاء العالم العربى سواء ما كان منه سياسيا أو اجتماعيا او عسكريا خاصة ما يجرى بمحرقة سوريا الحبيبة وحلب الصامدة كل هذا يطرح بشدة السؤال التالى:

إذا واجهك عدوك بقوة لا قبل لك بها وشعرت باختلال توازن القوى بينك وبينه فى مسرح عمليات المعركة فماذا تفعل؟؟ 

الخطأ الشائع لدى طائفة من المسلمين بالعصر الحديث انهم يصمدون حتى فناءهم بشكل تام او شبه تام..
بينما الخطأ الشائع بين طائفة أخرى من المسلمين الآن أيضا هو الاستسلام للعدو عند تيقن اختلال التوازن.
بينما قد يبدو لبعض الاذكياء أن الخيار الأمثل بهذه الحالة هو الانسحاب من أجل إدخار القوى الذاتية حتى تحين فرصة أخرى مواتية لمواجهة العدو وايقاع الهزيمة به.
وهذا الخيار نفذه الحلفاء بمواجهة الغزو الألمانى لفرنسا فيما عرف تاريخيا بموقعة دنكرك الذى اعتبر من أكبر الانسحابات العسكرية فى التاريخ حيث تم إجلاء ٣٣٨ ألف عسكريا باستخدام ٨٠٠ سفينة فى ٩ أيام فانقذوا من القتل والأسر وتم استخدامهم بعد سنوات لغزو ألمانيا واحتلالها عبر أراضى فرنسا وايطاليا.
وقد أراد رومل تنفيذ عمل مشابه بتونس لإنقاذ قوات ألمانيا وإيطاليا من شمال أفريقيا واستخدام هذه القوات للدفاع عن ألمانيا فى أوروبا لكن هتلر رفض هذه الخطة وعزل رومل عن قيادة قوات أفريقيا حتى انهار الألمان والإيطاليون فى أفريقيا وتم قتل وأسر كل قواتهم بها.
ولكن على كل حال فإن خيار الانسحاب لإنقاذ الذات ينبغى أن يسبقه خيار آخر وهو توجيه ضربات للعدو فى مواضع رخوة تمثل مكانا حيويا فى جسده او قدراته وموارده فرخاوتها تسهل عليك الضرب بقوة توجعه رغم قلة مواردك وكونها حيوية يجعل درجة الوجع الذي يصيبه كبيرة، وهذا يخفف ضغطه عليك لو تتابعت ضرباتك من هذا النوع بلا توقف وظللت قادرا على كيل هذا النوع من الضربات له، ولاشك أن هذا الأمر يحتاج منك قدرة على استخدام مواردك بمرونة وتوجيهها من مكان لآخر بسرعة مع مفاجأة العدو بالأسلوب والزمان والمكان.
وهذا العمل هو نوع من استراتيجية الاقتراب غير المباشر فى الشأن العسكرى وهو عمل ينطبق أيضا على المجال السياسى والاجتماعى والاقتصادى بل والإعلامى مع استخدام الأساليب المناسبة لكل مجال.
تسمية هذه الاستراتيجية بالاقتراب غير المباشر هى تسمية محدثة لكن جوهر هذه الاستراتيجية هو عمل قديم قدم الصراع فى عالم البشر، وأرى أن معارك المسلمين فى عصر النبوة والعصور التالية انما انتصر فيها المسلمون بسبب استخدام هذا النوع من الاستراتيجية، وهو نوع يصلح للطرف الأضعف الذى يعانى من قلة الموارد أو محدوديتها كما أنه يصلح (من باب أولى) للطرف القوى عظيم الموارد فهو يرتكز بالأساس على القيادة المبدعة استراتيجيا وتكتيكيا والمعنويات المرتفعة والإرادة القوية بأكثر من من ارتكازه على وفرة الموارد المادية ولكن وفرة الموارد المادية تزيد فرص النجاح بلا شك لكنها ليست الأساس فى هذه الاستراتيجية.
استراتيجيات حرب العصابات والمستضعفين والحرب اللامتماثلة وحرب الاستنزاف واستراتيجية الاحتواء ونحو ذلك أعتبرها كلها تفريعات وتنويعات تندرج تحت استراتيجية الاقتراب غير المباشر.
ويسهل تصور هذه الاستراتيجيات وتكتيكاتها فى الصراع العسكرى والتمثيل لها بالمعارك المشهورة لكبار القادة اللامعين عندنا مثل خالد بن الوليد والمثنى وزنكى ونور الدين محمود وصلاح الدين وبيبرس وألب أرسلان ومحمد الفاتح ونحوهم، ولكن لا شك ان هذه الاستراتيجيات انتقلت فعلا إلى مجالات الصراع السياسى والاقتصادى والاجتماعى والإعلامى (ويمكننا تطبيقها أيضا فيها بسهولة).