مستقبل الصراع السياسي و العسكري في المنطقة العربية و أفريقيا و أفغانستان (1من 5)

بقلم عبد المنعم منيب | 25 سبتمبر, 2015
الحرب في سوريا - صوررة أرشيفية
الحرب في سوريا - صوررة أرشيفية

الكل يراقب و يترقب محاولا معرفة الاجابة عن سؤال: ما هو مستقبل الصراع السياسي و العسكري في المنطقة العربية و أفريقيا و أفغانستان؟..
و تأتي أهمية إجابة هذا السؤال من أن إجابته ستحدد مصائر ليس فقط  المنطقة و شعوبها و أفرادها فردا فردا بل و ستحدد مصير و شكل العالم و النظام الدولي كله.
لقد كتبنا سابقا هنا في ديسمبر 2014  عن "خريطة الصراع السياسي في المنطقة العربية الآن" و شرحنا أهداف أغلب القوى المتصارعة و وعدنا بشرح أهداف بقية القوى في حلقة تالية و لكن قعد بنا ضيق الوقت عن الاكمال كما ان بعض الأمور تغيرت بموت ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز و تولي الملك سليمان و فريقه للحكم بالمملكة و لجوءه للتحالف مع قطر و تركيا ضد المحور الايراني مع تهدئة ما تجاه الاخوان المسلمون في أماكن و التحالف معهم  في أماكن أخرى، و موضوعنا اليوم ليس هو التكملة التي وعدنا بها و لكنه موضوع آخر و ان حمل في طياته - ضمن ما يحمل- التكملة.  
و ذكرنا في المقال السابق المذكور أن هناك احتدام للصراع بين عدة مشاريع للسيطرة بالمنطقة هي:
 
-المشروع التركي بقيادة أردوغان.
 
-المشروع الإيراني.
 
-المشروع الأمريكي.
 
-أتباع المشروع الأمريكي و هم مصر و الأردن و دول الخليج العربي.
 
-مشروع شبكة القاعدة و التي تغيرت أسماء منظماتها الى جبهة النصرة في سوريا و أنصار الشريعة باليمن و ليبيا و تونس.
 
-مشروع داعش في المنطقة خاصة في سوريا و العراق.
 
-مشروع الاخوان المسلمون في مصر و تونس و اليمن و سوريا.
 
-مشاريع جهادية إسلامية محلية في سوريا (كأحرار الشام كمثال) و ليبيا (كفجر ليبيا و نحوها كمثال) و في أفغانستان حركة طالبان كمثال .
 
و لكن طرأ تغير الآن حيث بلور الملك سلمان و فريقه مشروعا سعوديا في المنطقة بالتحالف مع عدد من الحلفاء أبرزهم دول الخليج (عدا عُمان و الامارات) بالإضافة للمغرب و السودان و غيرهما.  
و كي نفهم مستقبل هذا الصراع لابد أن نعيد توصيف هذه القوى و أهدافها لنعبر عنها بجوهر وصفها بدلا من الوقوف عند حد توصيفها بأسمائها فقط و حينئذ سنجد هذه القوى هي:
 
-المشروع التركي بقيادة أردوغان:
 
 و جوهره الارتقاء بتركيا لتصير قوة عظمى دوليا (هي الآن قوة عظمى اقليمية فقط) بجانب معارضة و افشال أو على الأقل حصار المشروعين الايراني و الاسرائيلي، و يتوسل لذلك بعدة وسائل هي:
-تنمية تركيا اقتصاديا لأقصى حد يمكنه تحقيقه و ذلك لحيازة القوة الشاملة كدولة و للحصول على تأييد الشعب التركي داخليا لحزب أردوغان بما يتيح له اطلاق يده في العمل السياسي و الاقتصادي داخليا و خارجيا.
-اكتساب التأييد الأمريكي و الأوروبي لخطواته الاقليمية و الدولية و يتوسل لهذا بحيل شتى آخرها محاربة ارهاب داعش.
-اقامة شراكات و تحالفات اقليمية مهمة تساعده على تحقيق سياسته الاقليمية و الدولية مثل تحالفه مع قطر و حماس و أكراد العراق و اخيرا السعودية.
-الحفاظ على شعرة معاوية مع أغلب غرمائه مثل علاقاته مع إيران و علاقته السرية مع إسرائيل و هدنته لسنتين متصلتين مع تنظيم العمال الكردي.
و يوثق أردوغان علاقاته بالقوى التي تناهض المشروعين الأمريكي و الإيراني بالمنطقة و يساندها لكنه يلعب في الملعب المأمون له فقط (بحسب ما استخلصته من المعلومات المعلنة) فيصعب أن يجازف بما يثبت علاقة له أو مساندة لقوى مصنفة أنها إرهابية بشكل قاطع لدى أميركا و أوروبا (باستثناء مساندته القوية العلنية و الخفية لحماس) و لكنه قوي و أداءه السياسي قوي فربما يغض الطرف عن دعم لهذا أو ذاك بشكل يصعب على خصومه إثباته عليه.
 
-المشروع الجهادي العالمي :
 
تيار الجهاد العالمي متمثل في منظمة القاعدة و فروعها ، و قد مر بثلاثة أطوار و آخرها هو طور رأت فيه الفروع المحلية لشبكة القاعدة أن ضغوط الواقع و مقتضياته (من حيث زيادة أعداد أعضائها في بقاع جغرافية محددة و حاجة هذا العدد لحيز جغرافي يأمن فيه على نفسه و أسرته و يخزن فيه معداته و يستقبل فيه الوافدين و المتعاطفين الجدد و لا يمكن أن يتأتى له ذلك في بيت أو مزرعة فقط كما كان الحال سابقا) تجعله محتاجا الى التحيز جغرافيا لبقعة من الأرض يحميها و يتحصن بها و تكون معروفة ليلوذ بها داعموه و من هنا نشأت امارات تابعة للقاعدة بعضها معلن و بعضها غير معلن مثلما حدث في العراق أيام أبو أيوب المصري و أبو حمزة المهاجر و في اليمن و الصومال و مالي و غيرها.
و من هنا تظهر استراتيجية التنظيمات التابعة للقاعدة في الصراع الحالي
و هو سعيها لتكوين دولة اسلامية في مكان ما في المنطقة العربية أو أفريقيا كي تتمكن أن تأمن على نفسها فيها و تحقق النموذج الاسلامي في الحكم الذي طال انتظاره منذ بداية حربهم مع أمريكا (بداية من الصومال في بداية التسعينات من القرن العشرين و حتى الآن) ، و رغم أن مثل هذه الدولة قد تكون قاعدة و منطلقا لمواصلة الحرب ضد الولايات المتحدة الا أنها قد تلين موقفها من الولايات المتحدة كما فعلت النصرة مؤخرا أو قد تهدئ من اطلاق الهجمات كما هو الحال في الصحراء الأفريقية و الصومال و اليمن مؤخرا و غيرها.
و هكذا بات الهدف العملي و الأقرب للتطبيق في الصراع الدائر بالمنطقة بالنسبة لفروع القاعدة هو إقامة الدولة الاسلامية في بقعة جغرافية ما كلما أمكن و سوف يستمرون في الحرب حتى يتحقق لهم ذلك.
 
-مشروع تنظيم الدولة:
 
نشأ تنظيم الدولة عبر الاستقلال عن القاعدة و هذا الاستقلال و ما واكبه من تغير فكري له أسبابه و طبيعته و ليس هنا مناسبة تفصيله و لكن على كل حال فتنظيم الدولة خرج من عباءة القاعدة بعد طورها الأخير و هو طور اقامة الدولة لكن تنظيم الدولة أخذ يعطي اقامة الدولة زخما إعلاميا كبيرا كي يلعب على وتر المشاعر الجياشة للمسلمين الذين يعانون من الظلم و الاستضعاف أو الاغتراب و يتشوقون لدولة تجسد مبادئهم يعيشون في ظلها آمنين، و من هنا فتنظيم الدولة قاتل و يقاتل للحفاظ على صورته كدولة لأنه جعلها مبرر وجوده و مصدر شرعيته و أعلن أن أمير التنظيم هو خليفة المسلمين.
 
-المشروع الجهادي المحلي :
 
هو تيار اسلامي جهادي رأى أن من الصعب الدخول في حرب مع النظامين الاقليمي و الدولي بجانب حربه مع النظام المحلي الحاكم و لذلك فهو لا يعلن مشروعا أو أهدافا لا اقليمية و لا دولية و إنما يركز على أهداف و مشروع محلي قائم على اقامة حكم إسلامي محلي داخل دولته مستخدما الجهاد المسلح لتحقيق مشروعه و قد رأينا تبلور هذا الاتجاه في عدد من المنظمات المهمة بكل من سوريا و ليبيا و أفغانستان و غيرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و نواصل التحليل في الحلقة التالية غدا إن شاء الله.

إقرأ الحلقة الثانية هنا

و إقرأ الحلقة الثالثة هنا

و إقرأ الحلقة الرابعة هنا

و إقرأ الحلقة الخامسة و الأخيرة هنا