لماذا يضرب تنظيم الدولة في قلب السعودية أثناء حربها مع الحوثيين؟

بقلم عبد المنعم منيب | 30 مايو, 2015
لماذا يضرب تنظيم الدولة قلب السعودية أثناء حربها مع الحوثيين؟
لماذا يضرب تنظيم الدولة قلب السعودية أثناء حربها مع الحوثيين؟

كتبت هنا منذ فترة عن محاولات تنظيم الدولة لإثارة الأوضاع و خلط الأوراق داخل المملكة السعودية و ألمحت إلى أن هذا نوع من العمى السياسي و الإستراتيجي لدى التنظيم و قلت أن هذا يكون رأينا إذا أحسنا الظن بتنظيم الدولة، أما إذا أسأنا به الظن فسوف نقول أن التنظيم له قيادة مخترقة بحيث تعمل ما يخدم مصالح إيران و حلفها و إسرائيل و حلفها من حين لآخر .. و كالمعتاد احمرت أنوف البعض و علق أخوة أفاضل بخشونة و اتهموني بأني لا أدقق في معلوماتي.. و لكن كالعادة أيضا يصدق تحليلي و يظهر صوابه بتحققه بعد فترة من إعلاني له..

فأمس و للجمعة الثانية يستهدف تنظيم الدولة مسجدا شيعيا في المنطقة الشرقية للمملكة السعودية.. فهل معلوماتي مازالت خاطئة..

أنا أريد أن أفهم.. من الذكي الذي يظن أنه لو اشتعلت فتنة بين السنة و الشيعة في السعودية سيستفيد منها أهل السنة ؟؟ ألا يفهم أي ذكي أن المستفيد الوحيد من فتنة كهذه هو إيران لأنها لن تترك و لا يمكنها أن تترك شيعة السعودية يذبحون بسيف الدولة السعودية .. أم أن أذكياء تنظيم الدولة يظنون أن السعودية كالبحرين يمكن لإيران أن تسكت على قمع الشيعة فيها؟

إن أقوى قوتين منظمتين في المنطقة الآن هي إيران و إسرائيل و كلتاهما حلفاء للولايات المتحدة و أي تفكك و فراغات ستحدث في المنطقة ستستفيد منها إيران و إسرائيل بدعم أو غض طرف أمريكي ، و لو حدثت حرب أهلية داخل السعودية بين السنة و الشيعة كما يهدف أذكياء تنظيم الدولة فإن إيران ستغذي الشيعة بالسلاح و الأفراد إلى أن تحتل المنطقة الشرقية السعودية الغنية بالنفط و بالشيعة ، ولن يستفيد من هذه الحرب تنظيم الدولة الذكي الذي يحارب في العراق منذ 2004 و لم يمكنه حتى الساعة تحرير و لا حتى نصف العراق، و بينما لم يتمكن من تحرير العراق فإذا به يقفز في سوريا و بينما هو منغمس في معارك سوريا و العراق ينتصر مرة و ينهزم أخرى فإذا به يقفز في السعودية ليفتح معارك جديدة .. فما هذا الذكاء.. أم إنه الهروب للأمام؟؟

قلنا سابقا و نكرر.. السعودية تضغط عسكريا بشدة على إيران خاصة في اليمن، فلصالح من ضرب السعودية في ظهرها و هي في هذه الحالة؟ هل لصالح السنة أم لصالح إيران ؟ وعندما تضرب السعودية في خاصرتها الرخوة الآن ألا يدعوها هذا لوقف ضغطها العسكري في اليمن و وقف ضغطها على بشار (عبر حلفها مع قطر و أردوغان) كي تركز قوتها لمواجهة الخطر الذي يتهددها في الداخل من حرب طائفية يشعلها تنظيم الدولة بذكائه الخارق؟؟ و بذا تتحول السعودية من الهجوم على حلفاء إيران في اليمن و سوريا و لبنان إلى الدفاع في المنطقة الشرقية من المملكة؟؟

و أثناء كتابة هذه السطور وردت الأخبار بأن تنظيم الدولة في سوريا احتل منطقة مهمة قطع بها إمدادات المجاهدين للمناطق المحررة حديثا في سوريا ، فهل لنا أن نسأل لماذا يتحرك تنظيم الدولة عند نجاح المجاهدين السوريين في دحر النظام فيقطع الإمدادات عنهم فلمصلحة من يعمل هذا التنظيم؟

ثم ورد خبر آخر منذ ساعات أيضا أن قوات تنظيم الدولة تهاجم قوات النصرة ، و يأتي هذا الهجوم بعد يومين من إذاعة الجزيرة للمقابلة مع زعيم النصرة و التي قال فيها إن المعركة تتجه لدمشق ، فهل هجوم تنظيم الدولة على النصرة الآن هو جزاء لها لإعلان زعيمها التوجه نحو دمشق؟ و إن لم يكن هكذا فلماذا الهجوم على النصرة الآن؟؟ يا أخي ما دام لديك قوة تهاجم بها فلماذا لا تهاجم أنت النظام.. فقط النظام .. و تدع كل من يضرب في النظام في حاله؟؟

إدراك حقيقة المصالح و المفاسد و أيهما أولى بالتقديم في كل حالة من الحالات هي لب العمل السياسي و الاستراتيجي الإسلامي و يحتاج لفقه عميق لا يتوفر لمن قل علمه بالشرع الحنيف أو بالواقع و لذلك ساوى السلف بين مداد العلماء و دماء الشهداء لأنه دون علم فالمرء مهدد بأن يصبح ممن قال الله تعالى عنهم "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" الكهف آية 103-104.