منذ أكثر من خمس سنوات لاحظ أحد المشايخ الأجلاء انتقادي المنتظم لحركات أو شخصيات اسلامية و قال لي : أنا لا أحبذ نقد حركة اسلامية ما بعينها لأني لو انتقدت الحركة "س" فسوف يتخذ أتباعها موقفا مني بمقاطعة كتاباتي ثم اذا انتقدت في مناسبة أخرى الحركة "ص" فسوف يفعل أتباعها نفس الشئ معي ثم نفس الأمر سيتكرر مع الحركة "د" و هكذا حتى يقاطع أتباع كل او أغلب الحركات الاسلامية كتاباتي فلا يعود أحد يقرأ لي و من ثم فلن يستفيد منها أحد .. استمعت له باهتمام وقتها لكني لم أقتنع بمنهجه هذا أبدا رغم أنه شيخ جليل و له عشرات الأبحاث و الكتب الشرعية و السياسية الاسلامية .. لعدة أسباب منها :
1-أن الكلام في المطلق و النظري لا يجذب الناس لقراءته كما انه لا يجذب قراءه للتفكر فيه و مناقشته.
2-أن القليل جدا من القراء هم الذين يفهمون الاسقاطات الواقعية و العملية التي تهدف و تشير اليها التحليلات النظرية و الأحكام العامة أو المطلقة التي تبتعد عن الاشتباك مع الواقع و مشكلاته العملية.
3-أنني في كتاباتي لا أعول على المتعصبين للمذاهب الحركية و السياسية الاسلامية السائدة في عالمنا الاسلامي في الـ 200 سنة الأخيرة ، فهم عادة لا يفيدهم ما أطرحه من نقد او نصيحة أو طرح جديد ، و انما أعول على الطامحين للتطوير و التطور بحثا عن النصر الذي تاه منا و لم نلقه طوال الـ 200 عاما الأخيرة.. بدلا من أن نظل نكرر أخطاءنا بدعوى عظم المؤامرة التي نواجهها و بدعوى أن هزائمنا ليست لخطأ أو تقصير منا و لكنها مجرد ابتلاء من الله لحبه لنا .
4-أن أي جديد كما أن له معارضيه الا أنه له أيضا مناصريه المهتمين به .
5-أنني لا استجيز شرعا السكوت على الأخطاء بل الخطايا التي نقع فيها كاسلاميين و التي يقود اليها قادة لا يبالون لا بالتقييم و لا بالنصائح مادامت تختلف مع مناهجهم التي يتعصبون لها رغم أنهم يحفظون قول الامام مالك : "كل امرء يؤخذ من كلامه و يرد الا صاحب هذا القبر (مشيرا الى قبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم)" .. اذن لو أننا كلنا سكتنا عليها حتى لا يحزن أحد المخطئين أو أتباع القادة المخطئين فمن أين لعامة الشباب (الذين لم يمروا بمثل تجاربنا العملية و الفكرية) أن يعرفوا الصواب؟؟!!
و هنا سيقول البعض لماذا لا توجه النصائح بشكل سري الى قادة و رموز العمل الاسلامي لأن "النصيحة على الملأ فضيحة" .. و هنا أؤكد أنني منذ أكثر من ثلاثين عاما و حتى هذا العام (2014م) قد مررت على كبار رموز و قادة كافة الاتجاهات الاسلامية في مصر و صادقت كثيرا منهم و نصحت و نقدت و استمعت و ناقشت و صرت متأكد و علي يقين من أن كافة الجماعات و الاتجاهات الموجودة على الساحة ليس عندها أي قابلية لا للتطوير و لا لقبول النصيحة و النقد من غير أعضائها (بل بعضهم لا يقبل النصح و النقد حتى من أتباعه) .. و طبعا أي نصيحة من أعضاء أي اتجاه فإنها عادة لا تأت بجديد لأنها منبثقة و متأثرة بنفس المنهج القائم منذ عشرات السنوات و هذا المنهج هو الذي ولد و يولد هذه الخطايا والأخطاء و الذي أثبت الواقع فشله لأننا نسير منذ نشأة هذه المناهج من ضعف لضعف و من فشل و هزيمة الى فشل و هزيمة... و من هنا فأنا اطمح لتغيير واقع الحركات الاسلامية الحالية .. قد أنجح عبر بث الأفكار الجديدة .. و قد لا أنجح قريبا لكن من المؤكد أن بث و نشر هذه الأفكار سوف يمهد لتيار اسلامي جديد يتجاوز الأخطاء و الفشل و الهزائم و الجراح و يقدم نموذجا سياسيا اسلاميا مختلفا عما قدمه و يقدمه الاخوان المسلمون و الدعوة السلفية النورية السكندرية و سلفيو "السلفية الحركية-حزب الآصالة" و غيرهم فنحن في أمس الحاجة لحركة كبرى بحجم و نظامية الاخوان المسلمون و لكن بمنهج سياسي اسلامي حيوى و أصولي و ملتزم فيكون ثوريا في مواطن الثورة و واقعيا في مواطن الواقعية أو لنقل بكلمة جامعة و دقيقة "منهج سياسي اسلامي حيوى و أصولي ملتزم بهدي النبي صلى الله عليه و آله و سلم سياسيا".... أتوقع أن واحد يسأل هي فين أفكارك الجديدة دي ؟؟ و عشان ما يدورش كثير فأقول له أن كل ما كتبته موجود على مدونتي هذه سواء المقالات أو الكتب و أشدد على ان القسم الثاني من كتابي "دليل الحركات الاسلامية المصرية" به أهم و أكثر هذه الأفكار لكنه للأسف مكتوب بشكل نظري دون التنزيل على الحركات الاسلامية القائمة لأني كتبته وقتها تحت رقابة الشيخ المذكور و التزمت بفكرته فيه.