شاهدت منذ قليل فيديو لكلمة عبد الفتاح مورو القيادى والشيخ البارز بحركة النهضة التونسية ذات الجذور الإخوانية ووجدت إشادات جماهيرية إسلامية كثيرة بها ورأيته يدعو للشراكة مع ما أسماه بالنخب الإعلامية والثقافية الموجودة فى إشارة إلى النخب العلمانية الموجودة كما أخذ يشرح أن شرعية الحكم ليست بالصندوق والانتخابات فقط بل بالسيطرة على مفاصل الحكم والتى لا تأتى إلا بشراكة هذه النخب ورضاها معتبرا أن رضا هذه النخب الثقافية والاعلامية هو رضا للشعب زاعما أنها هي التى تمثل الشعب، كما زعم عيوبا فى الاسلاميين فصدق فى بعضها لكنه بالغ فيها وأخطأ فى بعضها، وكان مما أخطأ فيه ما عبر عنه بعدم تبنى الإسلاميين ما أسماه بالقيم الانسانية العالمية التى جاءت بها كل الأديان.
وتأتى رؤيتى لهذا الفيديو على الفيس بوك اليوم بعد أيام قليلة من قراءتى لتصريحات خالد مشعل فى مؤتمر بالدوحة، والتى انتقد بها ذاته وحركته (وربما الحركات الاسلامية بعامة) فى عدم الشراكة مع الآخر فى الحكم بما فى ذلك حكم غزة.
وهذا الخطاب التصالحى مع العلمانية ومع الغرب (الامبريالى فى رؤية اليسار العربى والعالمى والامبريالى الصليبى الصهيونى فى الرؤية الكلاسيكية للإسلاميين) ليس غريبا على تيار الاخوان المسلمين ولكنه غريب أن يصروا على نفس مسلكهم بعد ان كاد د.محمد مرسى رئيس مصر الأسبق (القيادى الاخوانى) أن يقبل أقدام النخب العلمانية والثقافية والإعلامية بمصر كى تتعاون معه للخروج بالبلد من أزمتها لكنهم أبوا إلا مناوئته بالحق وبالباطل وتحالفوا مع قائد الجيش ليطيح به حتى أطاح به وسجنه بدعم ورضا عالمى وإقليمى، فهذا الغرب وهذه النخب التى يغازلها مشعل وعبد الفتاح مورو هى التى شردت وسجنت مرسى وبديع والشاطر والإخوان بمصر بعدما توسلوا لها بكل وسائل التزلف كى يشاركوهم الحكم، ومع هذا لم يفهم مشعل ومورو اللعبة الدولية والإقليمية حتى الآن أو يفهمونها ويريدون أن يلعبوا نفس دور مرسى وبديع فى مصر من يناير 2011 وحتى 3 يوليو 2013.
التبسيط والتسطيح الذي سار عليه خطاب مشعل ومورو يدعوانى لأن أرد عليه بوضوح شديد وهو أن الغرب يحكم العالم والذى يتحكم فى الغرب نظاميا حاليا هو الولايات المتحدة الأمريكية والقيم التى تحكم الغرب وأمريكا وتحكم سياستهم نحونا نحن العرب والمسلمون هى القيم الصليبية الصهيونية فى مجال السياسة والأخلاق والدين أما فى مجال الاقتصاد فتحكمه قيم الرأسمالية التى أسسها وادارها ومازال يديرها اليهود الصهاينة، هذا فى التحليل التفصيلى للنظام الدولى الظاهرى والأولى، أما التحليل التفصيلى الباطنى والنهائى فهناك خمس عائلات صهيونية تسيطر على أغلب ثروات العالم عبر امتلاكها لشركات كبرى تملك العالم وهذه العائلات بسيطرتها على إقتصاد العالم فهى تسيطرعلى سياسة العالم وإعلامه وجيوشه.
فمن يخاطب مشعل ومورو ومع من يريدا أن يتشاركا؟؟
وهناك أمر آخر هو : إذا كنت تريد المشاركة مع هؤلاء فهل تعلم ما الذي يريدونه منك مقابل أن يقبلوا الشراكة معك؟
فإن كنت لا تعلم فاقرأ كتاب الفرصة السانحة لنيكسون فيما كتبه عن العالم الاسلامى والمسلمين، وإقرأ تقارير راند عن الاسلام الذي يجب أن تشجعه أمريكا، ثم أعلن لنا هل توافق على هذا أم ماذا؟
وملاحظة أخيرة أود توضيحها بكل صراحة وهى أن نخب اليمين واليسار فى العالم العربى أغلبيتها الغالبة ليست وطنية وإنما هى رهينة لأجهزة محلية وإقليمية ودولية تحركها فى إطار أهداف النظم الاقليمية والدولية، ولا يستثنى من هذا إلا قلة قليلة وهذه القلة لا حول لها ولا قوة فهى مستضعفة بأوطانها ولا شعبية لها ولاإمكانات ذاتية لها إلا ما لا يغنى ولا يسمن من جوع.