أزمة الاقتصاد المصري بين الحلول الحقيقية والوهمية

بقلم عبد المنعم منيب | 6 مايو, 2016
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الآن امامك واحد بينزف دم غزير جدا بمعدل سريع جدا، ايش تعمل له؟ هل نعلق له محاليل وتقدم له تغذية في محاولة لتعويض الدم النازف أم توقف النزيف اولا ثم بعد ذلك تعوض ما نزفه؟

ما تفعله كل حكومات مصر منذ حكم ناصر وحتى الآن (بما في ذلك فترة د.محمد مرسي القصيرة) هو ترك النزف مستمر مع محاولات تعليق المحاليل وتقديم تغذية.

يا بشر اقتصاد مصر ينزف بغزارة وبمعدلات سريعة من عدة جهات هي:

-الفساد القانوني او المسموح به قانونا مثل: المرتبات الفلكية التي يحصل عليها موظفو الوظائف العليا بالحكومة وهم بضعة آلاف يتقاضون مئات ملايين الجنيهات شهريا ما بين مكافئات وبدلات ونثريات ولجان ومجالس وصناديق خاصة وسيارات وتنقلات وسفريات ونحو ذلك من "الشئ لزوم الشئ" وكله بالقانون وبدعوى انهم كفاءات تحتاجها الدولة ولا ينبغي التقتير عليهم خشية ان يهربوا ويعملوا لدى الشركات الدولية الكبرى بحسب زعم الحكومة، وانا طبعا نفسي يهربوا ونخلص منهم لاني متأكد انهم لا كفاءة لهم ولا توجد شركة ستقبلهم، وكفاءة ايه وهم دفعوا مصر لتصبح من افقر دول العالم واكثرها تسولا للمعونات والقروض، اذا كانوا كفاءة وجعلوا مصر هكذا فلنجرب غيرهم فهو ارخص اجرا ولن يكون اسوأ منهم.

ومن الفساد القانوني أيضا الاسراف في النفقات العامة غير المفيدة فمثلا نحن دولة قوامها مليون كيلومتر مربع وعددها نحو 100 مليون نسمة ومديونة وفقيرة ومع ذلك لدينا 30 وزيرا بآلاف وكلاء الوزارة ومديري العموم ورؤساء مجالس الادارات والقطاعات والذي منه، وكل من هؤلاء له مخصصاته المالية وسياراته وموظفيه وتكيفاته ومبانيه وكهربته...الخ بينما دولة عظمى كالولايات المتحدة مساحتها نحو عشرة امثال مساحة مصر ويزيد عدد سكانها عن 300 مليون نسمة وتنتج نحو ربع انتاج العالم من المنتجات ليحتل اقتصادها المرتبة الاولى بين اقتصاديات العالم، ورغم هذا كله فعدد وزاراتها لا يزيد عن 14 !!!!.

-والنزيف الثاني لاقتصاد مصر هو الفساد النمطي حيث الرشاوى ونهب أموال الموارد العامة بطرق شتى يطول حصرها.

-والنزيف الثالث هو تدهور منظومة الصحة والعلاج بما يجعل نحو نصف المصريين فريسة سهلة بين أنياب الأمراض الخطيرة لتنهشهم بلا رحمة ولا مساندة من دولة أو أي منظومة قوية بديلة.

-تدهور منظومة التعليم لأقصى مدى بدرجة جعلت مستقبل مصر مظلما لو استمر حال التدهور بما هو عليه الآن.

-تدهور منظومة البحث العلمي بشكل جعل مصر خارج سياق العلم و التكنولوجيا المعاصرة ولا يمكنها الا استيرادها واستهلاكها فقط.

-الفقر الذي صار يضرب بقسوة حوالي 50% من المصريين بلا أي أفق للحل تنفذه الحكومة.

-التضخم النقدي الذ ي صار يعذب جميع المصريين ويستنزفهم سواء كانوا فقراء او متوسطين او أغنياء بلا أي رؤية حكومية رشيدة لعلاج هذه المشكلة.

-تدهور الانتاج الصناعي بسبب اغلاق المصانع وبسبب استيراد المنتجات الأجنبية بلا ضابط ولا رابط ولا مواصفات حقيقية.

ورغم كل هذا النزيف تتجاهل الحكومة كل مواضع النزف هذه بل تزيد تدفق النزف وتحاول جذب مزيد من الأموال بالقروض والمعونات والتسول وطلب الاستثمارات الأجنبية والعربية لتضخها في الجسد النازف ليجد ما ينزفه باستمرار.

طبعا الكل سيقول هي بتعمل كده لأنها هي التي تمتص وتشفط هذا المال النازف، ولكن يهمنا أن نفهم نحن كمهتمين ببلدنا مواضع وأساليب النزف، حتى نعي ما يدور ونعلم الحل.