حوار مع الدكتور طارق الزمر في السجن

بقلم عبد المنعم منيب | 10 مارس, 2011

خلف قضبان السجن وربما قبل ساعات من الإفراج عنه، التقت 'الجريدة' بالقيادي في تنظيم 'الجهاد' طارق الزمر، الذي انتهت مدة عقوبته في جريمة اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات منذ عام 2001، وظل رهن الاعتقال حتى الآن.

معا نتعرف على مشاعره أثناء الثورة، وهل لعب الجهاديون دورا فيها؟ وكيف يرى الجهاديون سبل مشاركتهم في الحياة السياسية خصوصا بعد الإفراج المنتظر عنه وعن ابن عمه مقدم المخابرات الحربية السابق والزعيم الجهادي الشهير عبود الزمر؟

وكان أول ظهور لطارق الزمر في أكتوبر 1981 عندما نشرت الأجهزة الأمنية صورته في مختلف وسائل الإعلام كزعيم إرهابي هارب، ثم تتابع ظهوره في وسائل الإعلام بعد القبض عليه وتقديمه إلى المحاكمة في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.

لعبت الخلفية الفكرية والاجتماعية الناصرية دورا كبيرا في إبراز طارق الزمر داخل التنظيم الجهادي الذي انضم إليه تحت قيادة محمد عبدالسلام، فالبيئة السياسية التي نشأ فيها طارق الزمر ودوره كشاب ناصري دفعاه إلى الاهتمام بالفكر والسياسة حتى عندما تحول إلى الاتجاه الإسلامي، وكان أكثر شيء أثر فيه كتابات سيد قطب، فقرأ كتبه كلها، واحتفظ بها، وظل يرجع إليها من حين لآخر، كما تأثر أيضا بكتابات سعيد حوى خصوصا كتابه 'جند الله ثقافة وأخلاقا'، وإن تحفظ على بعض آراء حوى خصوصا ما يتعلق منها بالتصوف أو العمل الحزبي.

كل هذا هيأ طارق الزمر ليتفوق على أقرانه في تنظيم 'الجهاد'، وليصير أحد القادة المهمين في التنظيم رغم صغر سنه.

وبسبب خلفيات طارق الفكرية والسياسية والإدارية فقد صار عضوا في مجلس شورى المنظمة الجهادية التي ضمت قادة كل المنظمات الجهادية في السجن بعد اغتيال السادات (1982-1983)، وكان هذا المجلس مكونا من كل من أيمن الظواهري وعبود الزمر وعصام دربالة وناجح إبراهيم، بالإضافة إلى طارق الزمر، وبذلك كان طارق أصغر هؤلاء القادة سنا إذ لم يتجاوز عمره وقتئذ 25 عاما.

كان لنا  لقاء مع الدكتور طارق الزمر في سجن دمنهور قبل أن يتم عزله في سجن ملحق المزرعة هو وابن عمه عبود الزمر منذ عشرة أيام، بعد أن تم تفريغ السجن بالكامل من كل نزلائه.

وفي ما يلي نص الحوار:

• من أين علمت خبر نجاح الثورة؟

- لقد تابعت خبر المظاهرات يوم 25 بشكل تقليدي، ولم أكن أتصور أن التغيير قد حان أو أن يكون بهذه الطريقة، لكن ما حدث يوم جمعة الغضب أذهلني، وتأكدت أننا أمام حدث غير تقليدي وتشاورت مع عبود الزمر واتفقنا بسرعة على دعم المظاهرات بكل ما لدينا من وسائل داخل السجن، وأهمها دعوة كل من يمكننا الاتصال به إلى المشاركة في الثورة، بل كان عبود يعتبر أن المشاركة في الثورة واجب شرعي.

• ماذا عن مشاعرك عند نجاح الثورة؟

- فرحتي كبيرة وإذلال هذا الطاغية أنساني معاناة ثلاثين عاما في سجونه وأزال عني شعورا بالهوان كان يجتاحني كلما تذكرت أن هؤلاء يحكموننا كل هذه السنين، واستبشرت أن زوال هذا الفساد هو علامة رضا من الله على الشعب المصري.

• هل دعوت إلى الثورة في كتاباتك السابقة؟

- معظم كتاباتي منذ 1981 حتى عام 1997م تدعو إلى كل أشكال الثورة ضد نظام مبارك ولو بشكل مسلح، ولكن بعد ذلك غلبنا الوسائل السلمية في التغيير وأفردت فصلين في رسالتي للدكتوراه عام 2006 للإصلاح السياسي والعصيان المدني.

• كيف تفسر الموقف الأميركي من الثورة؟

- لقد كان أمام أميركا والغرب خياران: استمرار مساندة الاستبداد الذي كان سيجعل شوارع القاهرة أنهارا من الدماء ولن يقضي على الثورة، وإما أن تتملق إلى الشعب بعدد من المواقف السياسية والتصريحات الإعلامية التي تبعد جذوة نيران الثورة والغضب الشعبي عن الغرب ومصالحه، فتجعل الثورة متجهة إلى الفرعون وحده ولم يكن أمامهم بد من الاختيار الثاني.

• ما الدور المتوقع للإسلاميين بعد الثورة؟

- كسر احتكار السياسة هو أهم إنجازات الثورة، ومن ثم فقد أصبحت الساحة مفتوحة أمام الجميع وهو ما كان يحلم به الإسلاميون منذ زمن بعيد، ولهذا فمن المتوقع أن يتدافع قطاع كبير من الإسلاميين صوب العمل السياسي، وهو ما يقتضي تغليب نهج الائتلاف والتعاون بين الإسلاميين بجميع فصائلهم، والحركة الإسلامية مطالبة بمراجعة خطابها السياسي وتطوير آليات جديدة تتناسب مع الواقع الجديد.

• هل تؤيد حل جهاز مباحث أمن الدولة؟

- أنا مع محاكمة هذا الجهاز الذي تفنن في ارتكاب كل الجرائم التي يأبى من لديه ذرة من إنسانية أو كرامة أو رحمة أن يرتكبها، إن أكثر ما يدهشني أن يتصدى البعض مثل اللواء فؤاد علام للدفاع عن هذا الجهاز رغم أنه يعلم من خلال خبرة عمله الطويل في هذا الجهاز أن معظم أعماله جرائم يعاقب عليها القانون، لكن يبدو أن اللواء علام يدافع عن نفسه.

• لماذا تأخر الإفراج عنك وعن عبود الزمر حتى اليوم؟

لقد انتهت مدة الحكم القضائي الصادر ضدنا منذ أكتوبر 2001م، لكن النظام الفاسد لم يكن يحترم أحكام القضاء، فقرر احتجازنا داخل سجونه إلى أجل غير مسمى ودون أي سند قانوني، وذلك لمجرد أننا رفضنا أي شكل من أشكال تأييده ورفضنا التنازل عن حقنا في الدعوة الإسلامية والعمل السياسي، لهذا فإننا لا ننتظر اليوم عفوا من أحد، وإنما ننتظر احترام القانون وتنفيذ أحكام القضاء ومحاسبة كل من تسبب في حبسنا كل هذه السنوات ظلما وعدوانا.