يكتب كثير من الأخوة و الأخوات الآن على مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة عن أن المرحلة في مصر تحتاج للعمل و ليس الوصف و التحليل .. و في الواقع فإن ما يجري على الفيس بوك و تويتر في هذا المجال هو نوعان من الكتابة:
الأول- نوع من ينشرون أخبار الأحداث الجارية بتعليق أو تفسير لها ساخر و شاتم و هذا فائدته أنه بالنسبة لكثير من القراء وسيلة لمتابعة ما يجري من أحداث و فهم تفسيرها كما انه يحدث تفريغا أو تنفيسا لبركان الغضب في النفوس ازاء الوضع كما ان كتابه أنفسهم ينفسون عن غضبهم بهذه الكتابة الشاتمة.
الثاني- هو كتابات تحلل الواقع و أحداثه الجارية تحليلا تفصيليا ملمحة أو مشيرة في معظم الأحيان الى حل ما بل تصرح في أحيان كثيرة بماهية الحل و لكن أغلب المتصدرين لهذه الكتابة هم ممن لم يتأهلوا علميا في تخصص علمي محدد للادلاء بمثل هذه الآراء و أغلبهم أيضا ليست لديهم خبرة عملية كبيرة فيما يحللون و يوجهون فيه الناس.. و العجيب أن على الفيس و تويتر كثيرون من ذوي العلم و الخبرة لكن غالبيتهم يقرأون فقط و لا ينشرون آراء و لا تحليلات.
و بالاضافة لهذا فالتحليلات التي يتم نشرها نجد أغلبها هي من النوع التبريري أي هي تجميعة معلوماتية مع بعض البراهين المنتقاة (بلا منهج أكاديمي محدد) لتبرر عملا تم عمله أو أعلنت قيادة أو جماعة ما أنها ستعمله و هذا طبعا ليس تحليلا علميا موضوعيا انما هو تبرير لما أعلن (و سوف نتكلم لاحقا في مقال آخر ان شاء الله عن أنواع التحليل السياسي و معايره و كذلك معايير الكتابة الفقهية و ضوابطها المنهجية)
و من هنا فإن الأخوة و الأخوات المنزعجين من كتابات الفيس بوك و تويتر التي ينشغل بها المصريون المعارضون للحكم الحالي (باعتبارها لن تنتج شيئا مفيدا على الأرض) لهم بعض الحق و لكن بشرط أن يلاحظوا التالي:
-أن الغائب عن الساحة الآن هو الاجابة عن سؤال "كيف" و هذا السؤال حتى الآن يطرحه حتى القادة الموضوعيون المتجردون ذوي الخبرات الواسعة و العلم الغزير لأنهم يدركون أنهم يبحثون عن هذه الكيفية و لم يصلوا لها حتى الآن بسبب صعوبة الواقع الذي وصلنا له و تعقده.. هذا اذا أردنا ان نتكلم علميا أو موضوعيا (لأن الكلام الحماسي فقط ممكن نقول فيه أي شئ حتى و لو خيالي).
-الكلام عن أهمية العمل الفعلي في أرض الواقع هو كلام مهم و معتبر و لكن اذا وضعناه في الاطار الصحيح و هو الاطار الذي ذكره البخاري عندما بوب في صحيحه قائلا "باب العلم قبل القول و العمل" و هذا هو ترتيب العملية الصحيح ليأتي كالتالي:
1-بحث علمي موضوعي للوصول الى منهج و تصور علمي و موضوعي صحيح للتعامل مع الواقع.
2-ثم القول بهذا المنهج و نشره حتى يتقبله طائفة من الناس.
3-ثم تتبنى هذه الطائفة هذا المنهج و تعمل به.
انما العمل بلا منهج مدروس اعتمادا على تصورات و آراء سريعة لم تأخذ حقها من الدراسة و لم تختبر علميا و لا موضوعيا فهذا ما أدى و سيؤدي لمزيد من التخبط و الهزيمة ..
-لا بد من ملاحظة أن الدراسة و البحث و نشر ما نتج عن هذه الدراسة و البحث و التحدث عنه هو عمل أيضا ، لأن طلب العلم و تعليمه و الدعوة اليه عمل كما هو مجمع عليه بين علماء امة الإسلام منذ النبي صلى الله عليه و آله و سلم و حتى اليوم.