هل كان حسن الترابى مجددا في أصول الفقه

بقلم عبد لمنعم منيب | 1 أبريل, 2016
حسن الترابي
حسن الترابى

منذ وفاة دكتور الترابي وأنا أكبح نفسي ولا أريد أن أخوض فيما خاض فيه البعض بشأن أفكاره لا في منشور ولا في مقال واكتفيت بتعليق خفيف ما عند احد انصاره لسببين:
الاول- أن الدكتور أفضى لما قدم ولا جدوى من اجترار أمور مرت ومع الوقت ستدفن معه لحد ما وصارت امام الله اكثر مما امام البشر.
الثاني- اني أظن ان تأثيره منحصر في السودانيين وبدرجة تالية بعض الاخوان حول العالم وسينحسر هذا التأثير أكثر بمرور الوقت بفعل التغيرات العميقة التي تشهدها الساحة الاسلامية التي تمر حاليا بحالة سيولة وتغير بفعل انها مرحلة انتقالية لعصر اسلامي جديد.
ولكن.. قرات عدة مقالات منذ قليل ابرزها موقع عربي كبير تفخم بشكل زائد في ما تعتبره فكرا عميقا ومعقدا ومتبحرا في علوم علماء السلف مع علوم العصر واصفة لغته بانها اعلى من ان يفهمها شباب الصحوة (خاصة السلفيين) لانها مزيج بين لغة الشاطبي وهيجل... فاستفزني كل هذا التفخيم والتضخيم ليس فقط لاني اعتبر هذا التضخيم كاذبا ولكن لاني اعتبره فارغا من المضمون، فلغة الشاطبي في واقع الامر لغة سهلة يفهمها كل طالب علم شرعي متوسط فضلا عن المتقدمين والباحثين، واين الصعوبة بلغة الشاطبي من لغة امثال الامدي والرازي وقبلهما الجويني والغزالي وغيرهم من علماء اصول الفقه.
لقد قرأت كتاب تجديد أصول الفقه للدكتورالترابي منذ نحو ثلاثين عاما وهو لدي يمكنني أن أراجعه واكتب تقويما تفصيليا عنه الا ان رغبتي بعدم الانغماس في هذا النقاش المندلع يجعلني أقول كلمة مجملة عنه في فقرة واحدة أظنها كافية.
الكتاب في واقع الامر هو كتيب لا يمكن شكلا ان يكون تجديدا لعلم عميق مدون في مئات المجلدات الكبيرة، اما مضمونا فهو لم يقدم اي أصول فقه لا جديد ولا قديم، فالرجل اثار دخانا كثيفا عبر مقدمات واقتراحات لم تتضمن اي فكرة سوى فكرة واحدة هي أننا بحاجة لتجديد علم اصول الفقه القديم وطرح علم جديد ونحو ذلك، ثم بعد كل هذا الدخان الكثيف لم يقدم الدكتور الترابي علم أصول فقه جديد كي يقيمه الباحثون والعلماء تقييما علميا من حيث إحكامه وتكامله ودقته وموضوعيته ووفائه بالأهداف الفقهية المرجوة وقبل كل هذا ومعه وبعده امكانية تقييم مدى التزامه بمرجعية الكتاب والسنة والإجماع، لأن الكتاب والسنة وإجماع العلماء هو مرجعية أي علم شرعي، لقد فعل الترابي هذا وكأنه يهدف لزلزلة او قلقلة بناء ما ثم يتركه مهزوزا (حسب ظنه هو ومريديه) دون ان يكلف نفسه عناء وضع بديل له، ومع هذا ظل الدكتور الترابي وأنصاره حتى الآن يدندنون حول وجوب تجديد أصول الفقه وتجديد الترابي له ويروجون لذلك، وكل منصف محايد خارج أنصار الترابي يسأل أين هو أصول الفقه الجديد الذي طرحه الترابي كي نعرفه أولا ثم ندرسه ونقيمه ونناقشه ثانيا؟