ما هي أسباب نصر و هزيمة المسلمين؟ رد على مقال مهم

بقلم عبد المنعم منيب | 25 فبراير, 2015
كتبت المقال التالي تعليقا على مقال لأحد الاخوة يبرز دور القيادة و الاسباب المادية في النصر و ينتقد التعويل على اعمال البر و الطاعات و الدعاء فقط لتحصيل النصر و هو بوست طويل جدا لا يمكنني اعادته هنا و حفل بأمثلة تاريخية من الفتوحات و حروب الردة..فالى نص تعليقي عليه:
أنا كتبت كثيرا من قبل عن أن الأخذ بالأسباب الدنيوية هو سنة الله القدرية بشأن حركة التاريخ فبها النصر أو الهزيمة بحسب مقاييس الواقع الذي نعيشه و انتقدت ما أسميته بالدراسة الملحمية للتاريخ الاسلامي التي تجعل النصر رهين الدعاء و اخلاص القلب فقط و لا تلقي الضوء على أسباب النصر المادية العملية الواقعية في تاريخنا (أخر مقال لي عن هذا هنا) و لكن رغم هذا كله فانني اخالف الكاتب في مقاله هذا في أمرين:
الاول- انه اناط النصر بالقائد في جزء كبير من مقاله رغم ان الدراسة الدقيقة في حالة خالد بن الوليد الذي ذكره و غيره تقول ان النصر كان بسبب استراتيجية الاقتراب غير المباشر و هي ما استخدمها خالد دائما منذ كان كافرا (في غزوة أحد ضد المسلمين) و استخدمها أغلب قادة الفتوحات الاسلامية بسبب أنها الأنسب لقلة عدد جيوش المسلمين و ضعف أو قلة معداتهم ، كما ان نجاح محمد الفاتح في فتح القسطنطينية (الذي استدل به على فيصلية القيادة في تحقيق النصر) لم يكن لبراعة القيادة بقدر ما كان لتحصيله لتقدم تكنولوجي غير مسبوق و غير موجود عند أحد آخر في عصره في مجال المدفعية .. و احراز النصر بسبب سبق صناعي في مجال السلاح متكرر في حروب كبرى كثيرة (مثلما نجح ليو الاسيوري في صد هجوم بحري خطير للمسلمين كاد يفتح القسطنطينية قبل محمد الفاتح بمئات السنين بسبب اختراع النار الاغريقية) و الشاهد انني لا أحب اختزال الأمر في القائد كشخصية ستحل مشاكلنا و ان كنت لا انكر أهميتها في مجال الاخذ بالاسباب و لكن ينبغي التعمق في فهم تفاصيل اسباب النصر الواقعية العملية المادية كي نعيد النسج على منوالها و نطور و نبتكر منطلقين من خبراتها ..
اما خلافي الثاني مع المقال فهو: تقليله من تأثر سيئات الشهوات السلبي على تحصيل النصر فأنا أرى أن لها تأثير ليس بدليل ذكر آيات الربا قريبة من آيات أسباب هزيمة أحد في ال عمران فقط و لا فقط لمقولة عمر بن الخطاب لو استويتم مع عدوكم في الذنوب لغلبوكم لأنهم أكثر منكم عددا و عدة و لكن أيضا لأن الكفار لهم نسق سلوكي و أخلاقي متعايش مع الشهوات و ذنوبها فيقل تأثيرها السلبي على مجال اسبابهم الدنيوية للنصر بعكس المسلمين فنسقهم السلوكي و الاخلاقي غير متوافق مع الشهوات و ذنوبها فاذا انغمسوا فيها اضطربت منظومتهم السلوكية و الاخلاقية بقدر الانغماس هذا فيضطرب انتفاعهم بالاسباب المادية للنصر و على كل حال فالله ربط النصر و التمكين بالاستقامة الايمانية بقوله تعالى " الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" فيكون الأدق أن نقول أن كلاهما مهم السبب المادي و السبب الايماني و الاخلاقي و لكن ان نقص احدهما كان هناك خلل.