الجنرال سوروفيكين حرق سوريا ويقود الروس في الهجوم على أوكرانيا

بقلم عبد المنعم منيب | 17 أكتوبر, 2022
بوتين و سيرغي سوروفيكين
بوتين و سيرغي سوروفيكين

شهدت الحرب الروسية الأوكرانية هزائم مفاجئة ومتتالية في سبتمبر الماضي للقوات الروسية، حيث تقدمت القوات الأوكرانية وحررت أكثر من 3000 كيلومتر من الأراضي التي سبقت واحتلتها القوات الروسية، ورغم أن روسيا ما زالت تحتل نحو 18% من أراضي أوكرانيا لكن الهزائم والانسحابات الكثيرة المتتالية للقوات الروسية اعتبرت إخفاقا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإزالة للصورة التي طالما حاولات الميديا الروسية ترسيخها بأن الجيش الروسي هو جيش عملاق لا يقهر ويتمتع بقوة ساحقة مدمرة لا قبل لأي قوة كبرى بمواجهتها. ثم فوجئ بوتين يوم عيد ميلاده بانفجار كبير (8 أكتوبر) في قطار بضائع يحمل وقودا متجه من روسيا الى شبه جزيرة القرم، وقد تسبب هذا الإنفجار بدمار جزئي بجسر القرم.
وجسر القرم يربط بين البر الروسي وشبه جزيرة القرم بالمرور عبر مضيق كيرتش ويشكل شريانا رئيسيا للإمدادات إلى شبه جزيرة القرم و القوات الروسية في جنوب أوكرانيا، واعتبر منذ انشائه أنه أيقونة روسية مرتبطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا وقد افتتحه وهو يقود شاحنة بنفسه منطلقا من روسيا إلى شبه جزيرة القرم بعدما أعلن ضمها نهائيا لجمهورية روسيا الاتحادية، وقد تكلف انشاؤه أكثر من 4 مليار دولار أمريكي وافتتح عام 2018 كجسر بري للسيارات بينما افتتح مسار السكك الحديدية في 2019.
بعد التدمير الجزئي للجسر بساعات قليلة أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قرار روسيا بتعيين الجنرال سيرغي سوروفيكين كقائد للقوات الروسية في أوكرانيا.
 فمن هو الجنرال سيرغي سوروفيكين؟ 
ولد سيرغي سوروفيكين في مدينة "نوفوسيبيرسك "الروسية عام 1966 وتخرج من مدرسة "أومسك العليا المشتركة لقيادة الأسلحة" في 1987.
وعندما كان برتبة نقيب شارك سيرغي سوروفيكين في الانقلاب العسكري الفاشل (أغسطس 1991) ضد رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، وكان هدف الانقلاب منع الاصلاحات ذات الطبيعة الديمقراطية التي حاول غورباتشوف اقرارها في الاتحاد السوفيتي السابق والذي كان دولة ماركسية يحكمها الحزب الشيوعي السوفيتي، وقاد الانقلاب جنرالات الجيش والشرطة والاستخبارات المتعصبين للماركسية الذين كانوا يرفضون أي تعديل أو تحول عنها. 
وأثناء الانقلاب اندلعت مظاهرات شعبية كبيرة معارضة للإنقلاب، وحينها شقت فرقة سيرغي سوروفيكين طريقها عنوة وسط المظاهرات المعترضة على الانقلاب ودهست المدرعات ثلاثة أشخاص فقتلتهم. 
بعد فشل الانقلاب تم احتجاز سيرغي سوروفيكين 7 شهور للتحقيق بسبب قتل المدنيين لكنه سرعان ما تم تبرئته وخرج من السجن وعاد لعمله بالجيش بدعوى أنه إنما كان ينفذ الأوامر الصادرة له ولا قصد شخصي له من قتل المدنيين.
و في 1995 سرق سيرغي سوروفيكين أسلحة وباعها بالمخالفة للقانون الروسي و حاكمته محكمة عسكرية في موسكو وحكمت عليه بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ لكن تاليا تم محو التهمة من سجله بالكلية وكأنها لم تكن.
وفي فترة الأهلية في طاجيستان (1992-1997) شارك سيرغي سوروفيكين كقائد فرقة عسكرية روسية في الحرب ضد المعارضة الطاجيكية الديمقراطية المتحالفة مع المعارضة الطاجيكية الاسلامية ودحر الديمقراطيين والاسلاميين وبلغ قتلى الحرب ما بين 50 الف الى 100 الف شخص.
واشتهر سيرغي سوروفيكين بالقسوة خاصة منذ عام 2004 عندما انتحر "مقدم" يعمل معه بسبب تلقيه التوبيخ من سوروفيكين نفسه، ومنذ هذه الواقعة لقبه زملاؤه بلقب "جنرال هرمجدون" أو "جنرال يوم القيامة".
وقد شارك سيرغي سوروفيكين كقائد لفرقة عسكرية عام 2004 في الحرب الشيشانية الثانية التي خاضتها روسيا ضد دعاة الاستقلال ونفذت حرب الأرض المحروقة ضد الشيشان، فدمرتها بالكامل وقتلت عشرات الالاف من الشيشانيين عبر القصف الجوي ثم البري بطرق وحشية منقطعة النظير.
وفي عام 2015 أرسل الرئيس الروسي فلادمير بوتين قواته لسحق الثورة السورية وانقاذ الرئيس السوري بشار الاسد من غضبة الشعب السوري، وقد شارك سيرغي سوروفيكين في القوات الروسية في سوريا، وأصبح سيرغي سوروفيكين قائدا للقوات الروسية في سوريا بفترتين الأولى، فكانت الفترة الأولى ما بين مارس 2017 وحتى ديسمبر 2017 ، بينما جاءت فترة قيادته الثانية للقوات الروسية في سوريا ما بين يناير وأبريل 2019.
وشهدت فترة قيادته الأولى الهجوم بالسلاح الكيميائي بسوريا في أبريل 2017 على "خان شيخون" التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية، ونتج عن هذا الهجوم الكيميائي على "خان شيخون" مقتل 91 مدنيا بينهم 32 طفلا و23 سيدة فضلا عن إصابة أكثر من 520 سوريا وسورية آخرين.
وشمل الهجوم الروسي الجوي على خان شيخون قصف مركز طبي ومقر للدفاع المدني السوري في الوقت الذي كان المركزان يقدمان فيه الإسعاف لمصابي الهجوم الكيميائي، ومعروف أنه القانون الدولي يعتبر الهجوم على المدنيين والمراكز الطبية هو جرائم حرب صريحة وواضحة.
وفي 2020 قال تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية المعروفة إن سيرغي سوروفيكين واحد من المسئولين عن الانتهاكات في سوريا وخاصة المجازر في إدلب.
واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" سيرغي سوروفيكين بشن عشرات الضربات الجوية والبرية على المدارس والمستشفيات والأسواق الشعبيّة المكتظة بالمدنيين في الفترة من أبريل 2019 إلى مارس 2020.
ورغم ذلك كله فإن ارتكاب سيرغي سوروفيكين جرائم الحرب في إدلب دفعت الرئيس الروسي فلادمير بوتين ليمنحه أرفع وسام روسي وهو "بطل الاتحاد الروسي" وذلك في عام 2017.

وقال تقرير حقوقي سوري: إن قوات روسيا في سوريا قتلت أكثر من 8700 مدني عبر 241 مجزرة بقيادة سيرغي سوروفيكين.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في وصف سيرغي سوروفيكين: في أكثر من ثلاثين عاما كانت مهمات سوروفيكين مليئة بالفساد والوحشية.
وتم وضع سيرغي سوروفيكين على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها، كما ورد اسمه في قوائم مجرمي الحرب التي أعلنتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" منذ أكتوبر 2020.
ولطالما اتهم السوريون سيرغي سوروفيكين بالمسئولية عن الهجمات الجوية التي دمرت كل من محافظة حلب و مدينة دير الزور و حمص و ريف دمشق ومدينة درعا.
ومع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا تولي الجنرال سيرغي سوروفيكين منصب قائد القطاع الجنوبي للقوات الروسية في أوكرانيا، إلى أن تم ترقيته إلى منصب القائد العام لكل القوات الروسية الغازية في أوكرانيا في أكتوبر الجاري إثر تفجير سد القرم وتعطيله جزئيا عن العمل خاصة في مسار السكك الحديدية.
وبعد أقل من 48 ساعة من تعيين الجنرال سيرغي سوروفيكين كقائد للحرب في أوكرانيا بدأ سوروفيكين بتنفيذ أسلوبه الذي اعتاده من استهداف وقتل المدنيين عبر القصف بالهجمات الجوية والهجمات الصاروخية ضد الأهداف المدنية، فقد شن نحو 148 هجمة ما بين جوية أو صاروخية على المدن والبنية المدنية في جميع أنحاء أوكرانيا.