لماذا تنتصر المقاومة الفلسطينية في غزة على الاحتلال الصهيوني ؟؟

بقلم عبد المنعم منيب | 18 يوليو, 2014

بمناسبة العدوان الصهيوني على غزة .. هناك سؤال يطرح نفسه و هو :

ما السبب الأساسي و الرئيس للنصر أو الهزيمة ؟ ؟ ..

 في الحرب العالمية الأولى و الثانية خسرت بريطاينا ضعف ما خسرته ألمانيا و مع هذا انتصرت بريطانيا على المانيا .. فلماذا كان هذا النصر ؟؟

 النصر سببه الاحتفاظ بالروح المعنوية عالية و الصبر في الحرب حتى النهاية .. فالحرب هدفها عادة كسر ارادة الخصم و تطويعها عبر تدمير روحه المعنوية .. فالخسائر التي تحصل لأطراف الحرب هدفها اضعاف الروح  المعنوية للخصم وصولا الى تدميرها كي ينهار و  تصبح ارادته رهنا و طوعا لارادة عدوه الذي هزمه و من ثم يوافق على تحقيق أغراض و أهداف عدوه ..

 و بتطبيق هذا الكلام على الحرب الدائرة منذ عشرة أيام في غزة بين الكيان الصهيوني و المقاومة الفلسطينية فإن الكيان يحاول تطويع ارادة المقاومة كي تستسلم له و لأغراضه و تحقق أهدافه و تتخلى ليس فقط عن المقاومة و لكن تتخلى أيضا عن سلاحها..

 من الطبيعي أن تكون الخسائر في صفوف أهل غزة كبيرة فالجيش الاسرائيلي ترتيبه رقم 11 عالميا و هو من أحدث الجيوش في العالم و أقوى جيش في المنطقة العربية و لكن مع هذا فإن أهل غزة و قادة المقاومة الفلسطينية (حماس و الجهاد و شهداء الأقصى و لجان المقاومة الشعبية و الجبهة الشعبية و غيرهم) متماسكون و روحهم المعنوية عالية و قوية كما أن صمودهم يظهر أن لديهم قدرة كبيرة على تحمل الخسائر و احتوائها و الاستمرار في المقاومة فضلا عن نجاحاتهم التكتيكية المتمثلة في عدة أمور هامة جدا من أبرزها:

- الاستمرار في الضغط العسكري على كامل الرقعة الجغرافية التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني عبر القصف الصاروخي و الطائرات بدون طيار  و هجمات القوات الخاصة الفلسطينية الخاطفة خلف خطوط القوات الصهيونية.

- نجاحهم  منقطع النظير في اخفاء أماكن اطلاق الصواريخ و الطائرات بدون طيار  فضلا عن أماكن تخزينها و خطوط نقلها .. اذ لم يحقق الصهاينة أي اصابة مباشرة لأي من هذه المواقع حتى الآن.

-التصدي الفعال و الناجح لمحاولات توغل القوات الخاصة و المدرعات الصهيوينة داخل أراضي غزة و ايقاعها في كمائن و فخاخ معدة سلفا. 

و من هنا .. فإن المقاومة الفلسطينية في غزة تتعامل مع المعركة بطريقة صحيحة و تمتلك أدوات مناسبة لتحقيق أهدافها .. هذا من الناحية العسكرية.

أما من الناحية السياسية فقد أظهرت القيادة السياسية للمقاومة حنكة و مهارة و صلابة و قدرة جيدة على تفاوض اتسم بالصلابة و المرونة في آن واحد ... فهي صلبة في اصرارها على تحقيق اهدافها و الحصول على ما تريد من مكتسبات و في نفس الوقت هي مرنة في انها رغم اصرارها هذا فهي لا تقفل باب التفاوض و لا باب العمل السياسي مع تأكيدها على ان تفاوضها و تواصلها و ممارستها للسياسة لا يهدف أبدا لتقديم أي تنازل عن أهداف غزة الأساسية و انما تفاوضها و تواصلها السياسي يهدف لتحقيق هذه الأهداف المرجوة...

و هناك أمر آخر مهم جدا في المجال السياسي لدى المقاومة و هذا الأمر هو الذي سيغير الخريطة الجيو ستراتيجية و الجيو سياسية للمنطقة لصالح المقاومة الفلسطينية بشكل عام و لصالح التيار الاسلامي بشكل خاص (باعتبار أن القوة الأكبر في المقاومة هي حماس و الجهاد الاسلامي كما أن شهداء الأقصى التي هي جناح كبير من فتح هي حركة غير معادية لا للاسلام و لا للاسلاميين) .. اذن ما هو هذا الأمر ؟؟ 

هذا الأمر هو أن المقاومة حددت لها هدفا جديدا يختلف عن  أهدافها في كل مرحلة من مراحل الصراع السابقة حيث قالت هذه المرة أنها لن تقبل بتهدئة مقابل التهدئة و لكنها طالبت بضمانات لمنع تكرار العدوان الصهيوني على الفلسطينين في كافة الأراضي الفلسطينية (بما فيها الضفة و القدس) و رفع الحصار و الافراج عن المعتقلين ... القيمة الكبرى لهذه الأهداف/المطالب انها ستدشن لاستقلال الأراضي المحررة و لكن أنا أرى فيها ملمحا آخر اكثر أهمية و هو المهارة التي تتمتع بها قياد المقاومة و التي مكنتها من تقدير قوتها الحقيقية و من ثم تقدير المطالب و الأهداف التي تتكافئ مع ما تمتلكه من قدرة و قوة سياسية و عسكرية .. (و قبل هذا طبعا التخطيط الدقيق و الناجح لتحقيق هذه القدرات السياسية و العسكرية) .. فكما أنه من المهم أن تكون قويا حائزا لقدرات كبيرة فإنه مما لا يقل أهمية عن ذلك أن تدرك أنك قوي و قادر و تدرك كيف و متى تستخدم هذه القوة و القدرة .. فكم من قوي قادر لكنه لا يدرك حجم و لا نوع قوته و قدرته و يتصرف بذلة و مهانة أو على الأقل لا يوظف و لا يستفيد بكامل قدرته و قوته .. و هذا (للأسف) كثير في عالمنا الاسلامي بعامة و في الحركة الاسلامية بخاصة.