القائد الحقيقي و القائد المزيف

بقلم عبد المنعم منيب | 10 سبتمبر, 2021
القائد المزيف
القائد المزيف

القيادي السوي الطبيعي ينظر الى اقصى مدى أمامه فقبل ما يخطو خطوة يعرف الخطوات العشر التالية لها و ما قد يعتري أيا منها من عقبات أما القائد الذي تولى القيادة قدرا لأنه يوجد فراغ (فانتهز هو الفرصة و جلس فيه) فعادة لا ينظر الا تحت قدميه على الخطوة الأولى فقط و لا يرفع عينيه عنها الا عندما يصفعهه احد على قفاه صفعة قوية و كثيرا حتى عندما يتلقى الصفعة فإنه عندما يرفع رأسه لا ينظر امامه بل يلتفت للخلف.
ألمانيا لم تكن دولة واحدة في القرن الـ 19 لكن "بسمارك" قرر أن يوحد الدويلات الألمانية ليعيد المجد الألماني و كان بسمارك وقتها رئيس وزراء أكبر هذه الدويلات و أقواها و هي "مملكة بروسيا" و علم بسمارك بحنكته السياسية أنه لا بد أن يمزج بين أدوات الدهاء و المكر السياسي و بين القوة العسكرية و التي كانت تمتلك بروسيا وقتها قدرة جيدة فيها ، فماذا فعل بسمارك في المجال العسكري؟ هل فعل مثلما يفعل قادتنا الأفذاذ اللي بيقولوا ((و ايه يعني ده الولايات او الممالك دي كلها ها أكلها في قضمة واحدة و لا يمكن لأي منها أن تصمد أمام قوة جيشي و بأسه و هيلا بيلا)) ... لا .. بسمارك فكر أولا .. و سأل نفسه أنا لو وحدت الولايات الألمانية تحت تاج ملك بروسيا مين في العالم كله سيتضرر؟ و بفهمه العميق للنظام الدولي و آليات عمله وقتها علم أن الذي سيعارض الوحدة الألمانية هو فرنسا (و هي وقتها ثاني أقوى قوة في العالم) فقرر أن يعد القدرات العسكرية و الاقتصادية و التكنولوجية البروسية لتكون كافية لايقاع هزيمة منكرة بجارته فرنسا، و بعدما استعد لفرنسا أنفذ ارادته بتوحيد كافة الولايات الألمانية تحت تاج ملك بروسيا مكونا الوحدة الألمانية أو ما عرف بالرايخ الثاني، و حدث ما كان يتوقعه فعلا فقد اندلعت الحرب بينه و بين فرنسا عقب ذلك مباشرة لأن فرنسا ما كانت لتسمح بالوحدة الألمانية طواعية، و أوقع بسمارك بفرنسا هزيمة مريرة و أجبرها على القبول بالوحدة الألمانية و القبول بشروط بسمارك لايقاف الحرب، و بسمارك هذا هو من علق كيسنجر على أعماله ازاء النظام الدولي و العلاقات السياسية الأوروبية بقوله : "ما هو الشخص الثوري؟
 إذا كان الجواب عن هذا السؤال ليس غامضا لما كان الثوريون الناجحون قلة ، لأن الثوريين دائما ما يبدأون من موقف أدنى ، و ينتصرون لأن النظام القائم لا يكون في مقدوره أن يدرك مدى وهنه ، و يصبح هذا بصفة خاصة عندما يظهر التحدي الثوري ليس بمسيرة على الباستيل بل مرتديا زى المحافظين ، إن قلة من المؤسسات هي التي تستطيع أن تدافع عن نفسها ضد أولئك الذين يدعون أنهم سيحافظون على تلك المؤسسات" (الدبلوماسية جـ1 ص 133 ط روز اليوسف ، القاهرة 2001م)." ... هل اتضح الفرق بين القيادي الفذ المبدع و القيادي بالصدفة أو القيادي على ما تفرج أو القيادي ابن الـ(...)؟؟؟؟!!!    
هذا كتبته منذ 3 سنوات لكن تذكرت أن أنشره الآن.