ثورة وحراك الشعب العربي فى العراق و لبنان .. تأملات أولية مهمة

بقلم عبد المنعم منيب | 29 أكتوبر, 2019
ثورة العراق
ثورة العراق

هذه تأملات أولية مهمة حول ثورة وحراك الشعب العربي فى العراق ولبنان أقدمها للقراء على عجالة، لأنه عندما نجح بشار الأسد النصيري عبر مساعدة الولي الفقيه الشيعي "علي خامنئي" فى قمع ثورة الشعب السوري العربي المسلم السني في سوريا تحت رعاية ومساندة روسيا الاتحادية، فرح المستبدون فى كل مكان وظنوا أن هذه الوصفة القمعية يمكن أن تنجح بشكل دائم فى أي مكان ونبهنا مرارا أنها لن تنجح دائما ولا فى أي مكان، وقلنا مرارا نحن وغيرنا أن الانترنت والفون المحمول الذكي " السمارت فون " غيرا المعادلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية والإستراتيجية فى العالم كله، فالديكتاتور –خاصة من نجح حتى نهاية حكمه- اعتمد دائما على الكذب والتضليل الإعلامي، ورأينا كيف اعتمد هتلر وستالين على المنشورات الورقية والمذياع "الراديو" ومناهج التعليم والكتب والسينما والمسرح ثم التلفاز بالنسبة لستالين وجمال عبد الناصر الذي قلد تجربتي هتلر وستالين الإعلامية، ولذلك يستحيل تكرار التجربة الديكتاتورية فى هذا العصر بأدوات الكذب والتضليل بل صار من المستحيل فى هذا العصر ترويج الكذب والتضليل السياسي والاقتصادي وغيره لفترة طويلة لأنه وإن راج سيروج لفترة قصيرة ثم ينحسر عنه الغطاء وينكشف زيفه.
ورغم ذلك كله فقد كنت ومازلت أؤمن أن الديكتاتور لو امتلك قاعدة طائفية أو قبلية فإنه قد تطول لبعض الوقت مقاومته لثورة شعبه لكنه سيأتي عليه وقت تالي سينهار فيه أمام الشعب، أؤمن بهذا حتي بالنسبة لبشار النصيري الذي ساندته –ومازالت- أوربا وكندا والولايات المتحدة والناتو وروسيا الاتحادية والعرب والعجم  كما تآمر على ثورة مسلمي السنة السوريين متطرفو المسلمين كداعش والقاعدة وفروعهما ومتطرفو الأكراد ومتطرفو الشيعة، ورغم هذا كله فلازال عندي أمل بانتصار الثورة السورية.
وفى الأسبوعين الأخيرين قدر الله للعرب وفي قلبهم المسلمين السنة قدرا عجيبا لن يأتي إلا بخير لهم (إن شاء الله تحقيقا وليس تشكيكا)، وهو ثورة الشعب العربي العراقي وخاصة الشيعة منهم (لأن السنة في العراق جرى سحقهم ماديا ومعنويا فلا يكادون يرفعون رأسهم من السحق)، وكذا وفي نفس التوقيت ثار الشعب العربي اللبناني بكل طوائفه سنة وشيعة ومسيحيين وطالبوا في البلدين باسقاط النظام كاملا بما في ذلك الطائفية، ولو نجحوا في إسقاط الطائفية (وأرى أنهم سينجحون وإن طال المدى نسبيا) فسوف يضربون أمرين مهمين يعوقان نهضة العراق ولبنان وهما الفساد الحكومي والهيمنة الإيرانية على الدولتين، وفي الأمرين خير للعراق ولبنان بل وللعرب جميعا، فضلا عن أن ضرب الطائفية وما يتبعها من تعصب خاطئ سيكون له أثره الجيد للعرب جميعا لأن العرب محتاجون للتماسك ونبذ التفتيت السياسي فى كل المنطقة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلنطي فالتفتيت هو أمضى معول هدم ضد أمتنا العربية والإسلامية.
وللثورة أو الحراك في العراق ولبنان دروس وعبر شتى يجدر أن نفردها بالتأمل والشرح في مناسبة أخري ولكن يكفينا الآن الإشارة إلى أن نجاحهما وإن صعب وطال أمده فإنه سيحدث تغيرات سياسية وإستراتيجية وجيواستراتيجية واقتصادية وأمنية عميقة و واسعة فى العالم العربي كله وخذوا على ذلك عددا من الأمثلة لمجرد التمثيل وليس الحصر:
-في لبنان ستزول مليشيا حزب الله من لبنان وتنسحب لإيران أو غيرها وستسقط أي شرعية لها وبذا سيضعف ذراع إيران فى العالم العربي وكذا قدرته على مساندة بشار النصيري فى سوريا والحوثيين فى اليمن.
-ونفس الشئ سيحدث للمليشيات والأجهزة الأمنية الموالية لإيران فى العراق وسيترتب عليه أيضا مزيدا من إضعاف إيران عسكريا وأمنيا ومن ثم سياسيا ودينيا فى العالم العربي، لأنها عادة تستخدم العراق ولبنان لممارسة الضغوط الإرهابية داخل العالم العربي تحت دعاوى شتى وحتى لو سقطت الدعاوى التي تغطي بها هذا الارهاب والتمدد (الواسع لمذهب ولاية الفقيه في العالم العربي بل والعالم كله) فهي تتمكن من النجاة من فعلتها بزعم إلصاق هذا الارهاب أو التمدد لمنظمات في العراق ولبنان حيث قاعدتها الواسعة والقوية، وبتحرر العراق ولبنان من هيمنتها هي ومليشياتها فإنها ستضطر للإتكاء على الدولتين العربيتين الأضعف لديها وهما سوريا واليمن، وهذا لن يلبي لها آمالها فى الهيمنة بنفس القدر الذي كانت تلبيه مليشياتها فى لبنان والعراق مع ما تتمتع به المنظومة الميلشاوية التابعة لإيران من استقرار أكبر في العراق ولبنان.
-عندما يحل الحكم الرشيد في العراق ولبنان سيتحالف مع مثل تونس وغيرها ممن أفرزت ثورته حكما يمثل إرادة الشعب ومن ثم سيتقوى محور الربيع العربي في المنطقة العربية وستلحق بهم السودان والجزائر والبقية تأتي.
-أي حكم رشيد سيصل -مع مرور الوقت- لحلول للمشاكل الاقتصادية والسياسية وسيمثل نموذجا ملهما للشعوب المتطلعة للخلاص من الأزمات والمشكلات التى تعصف بها فى مختلف المجالات.
     
ولحديثنا بقية بيوم ليس بعيدا إن شاء الله عن ثورة وحراك العراق وثورة وحراك لبنان.  

هامش مهم

سبق وأن حللنا حراك الجماهير وأثره فى عدد من مقالاتنا هنا ومن أبرزها التالي فليراجعها من شاء فهي مفيدة بفضل الله:
-الانقلاب العسكرى فى تركيا لماذا فشل؟ وكيف سقط؟
-نقاش استراتيجى حول فتح الله جولن واردوغان وانقلاب تركيا وعصر الجماهير
-مجزرة القيادة العامة و الثورة الشعبية في السودان.. تأملات ثورية

 

ونسأله تعالى التوفيق والقبول والسداد دائما وأبدا بمحض منته وفضله سبحانه.