كيف ولماذا يؤثر قتل جمال خاشقجي على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ؟؟

بقلم عبد المنعم منيب | 23 أكتوبر, 2018
محمد بن سلمان و أردوغان
محمد بن سلمان و أردوغان

الكثيرون مصرون على اعتبار أن قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي مثله مثل قتل آلاف المعارضين ويعتبرون أنه لن يؤثر على الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودي ويعتبرون أن من يظن أن حدث قتل  الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي سيؤثر على محمد بن سلمان ولى العهد السعودي هو ساذج.
وفى الواقع فإن هذه التحليلات من باب ما يطلق عليه فى علم أصول الفقه الإسلامى بأنه قياس مع الفارق أى قياس أمرين غير متشابهين على بعضهما البعض، والقياس مع الفارق هو قياس فاسد لا يحتج به، وإنما الذى يحتج به هو قياس الأمور المتشابهة حقيقة وليس توهما.
فلو عزلوا محمد بن سلمان فلن يعزل لأنه قتل ولكن لأنه خرق النظام الدولى الذى تقوده االولايات المتحدة الأميريكية وأوروبا وخرق هذا النظام متمثل فى أنه قتل "صحفيا مشهورا وثيق الصلة بأجهزة وقادة مهمين فى أميركا وأوروبا" وقتله بطريقة فيها "خرق للنظام الدولى باستغلال النظم القنصلية والدبلوماسية الدولية بخلاف القانون الدولى" وحدث كل هذا وفضح بـ"صيغة وأساليب تضغط على القيم الداخلية لأوروبا وأمريكا"... وما ذكرناه بين الأقواس يالألوان هو مناط التحليل، وليس مطلق القتل ولا عدد المقتولين، وهناك محفزات او معززات لأثر الجريمة مثل استراتيجيات وتكتيكات لاعبين كبار يلعبون بوعى وعزم لتحقيق هدفهم ولديهم أدوات وافرة لذلك وأهمهم بالترتيب تركيا والحزب الديمقراطى الأمريكى (لاحظ أميركا على أبواب انتخابات كونجرس) والواشنطن بوست وقادة كونجرس جمهوريين ثم إيران وقطر.
وانطلاقا من هذا كله فأرى أن كل من يصف الحدث بأنه عملية قتل معارض فقط ويقارنها بقتل آلاف المعارضين بكافة الدول العربية فهو يصف الحدث وصفا خاطئا لأن هذه أول مرة بالتاريخ يعذب ويقتل شخص معارض فى داخل سفارة او قنصلية، لو مر الأمر دون عواقب ستصبح سفارات الدول المستبدة فى أوروبا وأمريكا مقر إعدامات لمعارضيها هناك وهذا أمر لا يمكن أن يسمحوا به.. ليس أخلاقا ولكنه أسلوب وآليات عمل النظام الدولى الذى صنعوه ويقودونه.
 قد لا يسقط محمد بن سلمان ولكنه سيعاقب عقابا أليما مريرا وستقصقص اجنحته وأظافره ويتم إضعافه بشكل كبير جدا.
ومن المقارنات الخاطئة أيضا لمن كتبوا على السوشيال ميديا – فيس بوك وتويتر – قياسهم ما يفعله محمد بن سلمان على موقف كثير من الحكام فى صراعهم مع معارضيهم فى العالم الثالث وهم هنا أيضا لا يلحظون الخلاف بين أمرين مختلفين  فملاعبة نظام عربى لمعارضيه مختلفة عما يجرى فى قضية مقتل الصحفى السعودى المعارض جمال خاشقجي لأن اللعبة الآن مختلفة فـ" محمد بن سلمان " لا يلاعب معارضيه من مواطنيه أهل الجزيرة العربية فقط كالمسعرى او سفر الحوالى او حتى أعمامه بل هو يلاعب تركيا وقطر وإيران وهؤلاء يفهمون قواعد اللعبة ولديهم أدوات اللعب وخبرات اللعب فليسوا اغرارا كأحزاب وقوى المعارضة العربية.
وفى نفس السياق (وأيضا على الفيس بوك وتويتر) كتب كثيرون يتساءلون عن مهنية قناة الجزيرة فى تبنيها قضية قتل الصحفى السعودي المعارض جمال خاشقجي بهذه الطريقة المنحازة مع عدم تبنيها قضية ألوف المسلمين المقتولين ظلما فى كل مكان وخاصة فى سوريا والعراق وغيرهما بنفس درجة تبنيها لقضية جمال خاشقجي وغفل كل هؤلاء عن أنه لا يوجد شىء اسمه مهنية فى الإعلام العربى فكل وسائل الإعلام هى أدوات سياسية، وهذه فرصة العمر لكل من رجب الطيب أردوغان وتميم وإيران لإسقاط محمد بن سلمان بالضربة القاضية، فلو تبنوا مئات ألوف المسلمين الذين قتلوا ظلما بالعالم كله لن يسقطوه ولكن عندما يتبنون جمال خاشقجي فقط سيسقطون الامير محمد بن سلمان غالبا أو فى اسوأ الاحتمالات سيضعفوه جدا.