اختفاء جمال خاشقجي .. تركيا تقرص فقط أم تلف الحبل حول رقبة محمد بن سلمان؟

بقلم عبد المنعم منيب | 14 أكتوبر, 2018
أردوغان واختفاء جمال خاشقجي
أردوغان واختفاء جمال خاشقجي

لماذا تستمر التسريبات التركية عن واقعة اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بتدرج مستمر (ويبدو لى محسوبا) كما ونوعا ووقتا؟؟

لاشك أن تركيا تعرف الكثير والكثير عما جرى تجاه الصحفى السعودى الشهير جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده فى إسطنبول ولكنها تلاعب السعودية سياسيا وأمنيا وتضغط عليها بهذه التسريبات لأمر مهم تخطط له.. فما هو؟؟

منذ بداية التسريبات التركية عن عملية اختفاء أو إخفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وضحت لعبة الغريمين، فالسعودية بقيادة محمد بن سلمان ظنت أن قوة علاقتها بالرئيس الأمريكى ترامب وأركان إدارته تمكنها من البطش بمعارضيها ولو بمغامرة خطرة من مثل استدراج الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي من الولايات المتحدة إلى تركيا للإيقاع به هناك فتتخلص من معارضته الخطرة (بصفته وثيق الصلة بدوائر الاعلام والسياسة والاستخبارات فى أوروبا وأمريكا وتركيا) كما ترسل رسالتين واحدة للمعارضة السعودية بأنها ستطالهم حتى لو كانوا بالخارج والرسالة الأخرى لأردوغان بأننا يمكننا العبث كما نشاء حتى داخل بيتك.

هذا الغرور بسبب العلاقات الوثيقة مع إدارة ترامب والغرور بما تملكه المملكة من عوائد النفط دفع محمد بن سلمان وإدارته للوقوع فى هذه الهوة السحيقة والتى باتت تزداد عمقا بفعل ما تحفره التسريبات التركية فى عقل الرأى العام العالمى كما أن الدبلوماسية الأمنية والسياسية التركية تؤثر فى عقول النخبة السياسية فى أوروبا والولايات المتحدة، ونتيجة هذا الجهد التركى المستمر ظهرت تصريحات حادة جدا (وان اتسم أكثرها بلغة الدبلوماسية) من قبل زعماء فى الكونجرس الأمريكى ثم متحدثى الإدارة الأمريكية ثم الرئيس الأمريكى ترامب ونائبه، كما ظهرت تصريحات قيادات ورموز بريطانية وفرنسية بما فى ذلك الرئيس الفرنسى ماكرون الذى سبق وتدخل فى واقعة احتجاز محمد بن سلمان لرئيس وزراء لبنان سعد الحريرى وشاهد بنفسه أكثر من غيره كيف يمكن أن تتعامل السعودية فى مثل هذه الملفات وبلغت التصريحات الأوروبية ذروتها اليوم بصدور بيان مشترك من الأوربيين الثلاثة الكبار فى أوروبا فرنسا وبريطانيا وألمانيا حول قضية الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي و طالب السلطات السعودية بكشف ملابسات اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر، كما طالب باجراء تحقيق يحظى بالمصداقية وذلك ليتم تحديد المسؤولين و ضمان محاسبتهم، ولاشك أن كل هذه التصريحات كشفت أن تركيا وجهت وشكلت الرأى العام العالمى (و بشكل خاص الأوروبى والأمريكى والتركى والعربى) عبر تسريباتها الأمنية بشأن سيناريو ما حدث مع الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي وفى نفس الوقت قدمت أدلة ملموسة ومقنعة لشركائها الأمنيين والسياسيين فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تثبت صحة هذا السيناريو الذى بات الإعلام الدولى كله يتداوله.

وهنا نجد سؤالا يطرح نفسه بشدة وهو هل هذا التدرج فى التسريب والتواصل السياسى مع رموز النظام الدولى تهدف منه تركيا للضغط فقط على السعودية أم أن تركيا ترمى لأكثر من ذلك أى إحكام ربط الحبل حول عنق محمد بن سلمان ونظامه السياسى؟؟

الأمم المتحدة تدخلت فى القضية عبر تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش والتى أعرب فيها عن قلقه بشأن ازدياد حوادث مشابهة لحادثة اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي ، قائلا: على المجتمع الدولي ألا يسمح بوقوع مثل هذه الحوادث، ثم أكد على : ضرورة كشف الحقيقة في قضية الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي ، وإيضاح ما الذي حدث للرأي العام، وإيجاد ومحاسبة المسئولين عن ذلك، وهذا التدخل ربما يرجح سعى تركيا لربط الحبل حول عنق محمد بن سلمان عبر الدفع لآلية تحقيق دولية ما حول اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي ، فهل نرى بمقبل الأيام لجنة تحقيق دولية مشابهة للجنة التحقيق الأممية بشأن مقتل رفيق الحريرى فى لبنان؟؟..

الله أعلم، لكن لاشك أن موضوع الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي هو لعبة دولية واقليمية كبرى متشابكة ومعقدة ولها تداعيات وتوابع كبرى ومتعددة لأن جمال خاشقجى هو "حسنين هيكل" السعودية بمثل كل ما كان لـ"هيكل" من علاقات بأجهزة مخابرات وقادة دول كبرى وصغرى وأحزاب سياسية، فكذا هو الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي ، وكما كان "هيكل" جزء من بنية نظام الحكم بعصر جمال عبد الناصر والثلث الأول من عصر السادات فكذا الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي كان جزء من نظام حكم آل سعود منذ شب عن الطوق بعالم صحافة المملكة وحتى وفاة الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز فضلا عن انه كان مستشارا لرئيس المخابرات السعودية.

اللعبة كبيرة وأطرافها كبيرة وكثيرة ومن أدوات اللعبة (ظاهريا) الإعلام والسوشيال ميديا وهما يمهدان لقرارات القادة السياسيين حول القضية.