اعتقال أمراء المملكة السعودية لماذا وما علاقته بكل المنطقة العربية ؟؟

بقلم عبد المنعم منيب | 6 نوفمبر, 2017
الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان
الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان

ما الذى يحدث فى المملكة العربية السعودية من اعتقال أمراء ورجال أعمال وتغيير مناصب مهمة؟؟ 

إن أخبار اعتقال أمراء ورجال أعمال وموت أمراء آخرين تبدو لكثيرين كزلزال مفاجئ أو إعصار داهم لا يعرفون إلى أى مدى ستبلغ آثاره المدمرة، وليتضح لنا ما يجرى ينبغى أن نتذكرجيدا أن دولة عبد العزيز ال سعود قامت على التراضى سواء فى توزيع الموارد السياسية (السلطة بجانب ما تدره من مال) أو الموارد الاقتصادية والاجتماعية بل والثقافية، ورغم ان عبد الله بن عبد العزيز كان يريد تولية ابنه متعب الا انه لم يجرؤ على تغيير قواعد اللعبة السياسية التى صارت عليه مملكة اسرته منذ نشأتها منذ ما يقرب من مائة عام وتمهل لكى يمكن لابنه متعب وفق قواعد اللعبة الراسخة ولكن القدر لم يمهله وربما هذا ما يدفع الملك سلمان وابنه إلى التعجل خشية من أن يداهمهم القدر بما يكرهون، ولكن التسرع الحالى من الملك سلمان وابنه  يغير قواعد اللعبة السياسية فى المملكة بحدة وخشونة، وقد تنجح الحدة والخشونة فى اخضاع الشعوب التى تعيش نمط الانتاج النهرى لتفككها الاجتماعى واعتمادها على الحاكم فى لقمة عيشها ولكنها يصعب أن تنجح فى المجتمعات القبلية أو التى مازالت ذات صلة بنظم القبيلة أو الأسرات المتماسكة الكبيرة نسبيا ولذلك لم ينجح القذافى ولا أذنابه فى ليبيا حتى اليوم وكذا صالح فى اليمن وبشار فى سوريا.
الوضع فى السعودية صعب ومتشابك اجتماعيا هناك قبائل كبرى عددا وعدة ومالا وعلاقات والمعتقلون لهم ارتباطات بهذه القبائل (من قبيل المصاهرة بالنسبة لأمراء ال سعود أو من قبيل الانتماء بالنسبة لغير الأمراء) ولو نجح سلمان فى استمالة القبائل بمال أو بمناصب فهنا رجع عن الخشونة ووقف موقف التفاوض مرة أخرى وإن قسمهم باستمالة البعض منهم ليضرب ذوى المطالب السياسية منهم فهنا قسم المجتمع كله كما هو حادث فى كل الدول القمعية التى لا تضمن أمنها بغير القمع ولا تمارس الحكم عبر "سياسة" وبالتالى فإن مصيره سيكون هو ذاته مصيرهم.
وبشكل عام فما يجرى فى المملكة العربية السعودية مرتبط بما يجرى بالمنطقة العربية كلها التى دخلت منذ الربيع/الخريف العربى فى مرحلة تحول ومخاض عسير وتسير بصعوبة إلى حالة جديدة مختلفة تماما عما عاشته طوال المائة عام الأخيرة، وكل من يتخيل أن هذا انتصر أو انهزم الآن نصرا أو هزيمة نهائية فهو واهم ولا يتمتع بعمق الخبرة التاريخية التى مرت بها المنطقة منذ بعثة النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحتى اليوم.
البعض يقول: "هناك هجمة كذا وتغيير ثوابت الأمة وعقيدتها..الخ ولن تمر أو يصعب أن تنكسر..الخ"

وهؤلاء نسوا الحملات التى جرت ضد ثقافة الأمة ودينها منذ الحملة الفرنسية على مصر وبشكل أوضح منذ الاحتلال البريطانى لمصر وماواكب ذلك كله فى كافة أنحاء العالم الاسلامى خاصة فى تركيا وتونس والجزائر وليبيا وأندونيسا وغيرها، ولنضرب مثالا بمصر والسياسة العلمانية لسعد زغلول والمصرفية الربوية لطلعت حرب وكتابات تغريب المجتمع لقاسم أمين وقبله رفاعة الطهطاوى وبعدهما لويس عوض وغيره والهجوم على القرآن لطه حسين، وأغلب هؤلاء تلامذة مفتى مصر محمد عبده الذى نصت وثائق الخارجية البريطانية على أنه هو تلامذته أمل بريطانيا فى مصر.
أنصح الجميع بإعادة قراءة الكتب التالية لتذكر قواعد اللعبة الجارية منذ مائة عام وحتى الآن وهى:
 -د. محمد محمد حسين:
الاتجاهات الوطنية فى الأدب العربى المعاصر جزئين
الاسلام والحضارة الغربية
-جلال كشك ، ودخلت الخيل الأزهر
-محمد قطب، واقعنا المعاصر
-على جريشة، أساليب الغزو الفكرى
فالأمر لا جديد فيه أى لا خطر جديد فيه ولا تكتيكات جديدة ولا حتى استراتيجيات جديدة فيه لدعاة تغريب الأمة ولكن الأحداث اشتدت سخونتها وتسارعت بسبب قرب نهايتها أو بسبب يأس الطرف الدخيل من النصر ورعبه من الهزيمة، وكما هو فى التعبير المشهور "يشتد ظلام الليل عند اقتراب الفجر".
ولكن لنتذكر دائما أن سنن الله الكونية لا تعمل بالخوارق والمعجزات ولا تنزل الملائكة من السماء لتنوب عن البشر فى العمل الجاد والفعال لتحقيق اهداف الخير وإنما يتحتم على البشر أن يقوموا بما أوجبه الله عليهم فى كتابه وسنة رسوله أخذا بالأسباب الكونية التى قضى الله تعالى أن تصنع النتائج وأن تصنع الأحداث.