نكشف بالأدلة حقيقة أساطير أفكار الاسلاميين والعلمانيين وماهو بديلها؟؟

بقلم عبد المنعم منيب | 26 سبتمبر, 2017
أساطير أفكار الاسلاميين والعلمانيين
أساطير أفكار الاسلاميين والعلمانيين

نجح السوفيت (والدولة التى خلفتهم الآن روسيا) والصين فى صناعة دبابة وطائرة كما نجحت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فى صنع ايضا دبابة وطائرة.. رغم ان انظمتهم الحاكمة مختلفة ما بين الديكتاتورية والديمقراطية ومابين نظم رئاسية ووزارية.. فلماذا نجحوا رغم اختلاف نظمهم؟؟
نجحوا لأن صناعة الدبابة أو الطائرة لها تكنيك محدد وكلهم اتبعوا هذا التكنيك المحدد، وهذه هى حقيقة سائر العمليات التقنية والسياسية والاقتصادية والأمنية، فلكل عملية تكنيك أو منطق من اتبعه أنجز العملية ومن خالفه لم ينجح فى إنجاز العملية.
نعم الدبابة والطائرة صنعت فى الصين (والاتحاد السوفيتى) عبر عامل مطحون لم يحصل على حقوق مالية كاملة فصحبها انتهاك لحقوق العمال كما صحبها انتهاك لحقوق الشعب إذ لم يشارك الشعب فى قرار صناعة الطائرة أو الدبابة بينما الدبابة والطائرة الأوروبية والأمريكية أنجزت بقرار صنع ديمقراطيا بجانب اعطاء العمال أجرا أفضل، ولكن مسألة حقوق العمال وحقوق الانسان والديمقراطية هى أمر تكميلى او كمالى فى أمر الانجاز التقنى فوجود ذلك كله او غيابه لا يؤثر فى عملية انجاز الطائرة أو الدبابة، وإنما تأثيره متعلق بالأخلاق والعقائد السياسية فقط.
وبناء على ذلك فلو جاء شخص اليوم وزعم أن لا سبيل للإنجاز فى المجال التقنى إلا بالديمقراطية فسنقول له أنت كاذب أو واهم وأنت تدخل فى جوهر العملية التقنية ما ليس منها لأن الصين والسوفيت تقدموا تقنيا واقتصاديا دون ديمقراطية، ولو جاء آخر وقال لا يمكن تبنى الديموقراطية بدون تبنى كل المنظومة الأخلاقية لليبرالية حتى ننجز اقتصاديا وتقنيا فسنقول كذبت فالهند تحتفظ بمنظومتها الأخلاقية التقليدية الهندوسية وتقدمت تقنيا واسرائيل دولة دينية يهودية وتقدمت تقنيا، واليابان قبل الحرب العالمية الثانية حافظت على منظومتها الأخلاقية بل نظامها الذى يعتبر الإمبراطور إله ومع هذا تقدمت تقنيا واقتصاديا بل وحتى الآن مازالت تحتفظ ببعض من منظومتها الأخلاقية التقليدية وهى الآن ثالث اقتصاد بالعالم.
وهنا سينبرى أحدهم فيقول: "الديموقراطية تمنع الحروب".. يدعى هذا وكأنه لم يعلم أن الحرب العالمية الأولى والثانية كانت بين أنظمة حكم أكثرها ديموقراطية ووصفت الحرب بأنها صراع بين الرأسمالية الأوروبية، كما أن النازيين وصلوا للحكم فى ألمانيا عبر الديموقراطية ودعم الرأسماليون الألمان حكم وحرب هتلر، كما أن الحكم الديموقراطى الأمريكى خاض الحرب الباردة وحروب فيتنام وأمريكا اللاتينية وكوريا ولبنان وأفغانستان الأولى بالوكالة والثانية مباشرة والعراق الأولى والثانية ودعم حروب اسرائيل (التى هى دولة ديموقراطية دينية أيضا)..الخ، كما خاضت بريطانيا وفرنسا أيضا حروبا بجانب الحرب الباردة مثل حرب السويس والجزائر ومالى وأفغانستان والعراق ولبنان وغيرها، فضلا عن أن الديموقراطيات الغربية نفسها هى من غزت العالم االإسلامى كله من أندونيسيا شرقا وحتى المغرب وموريتانيا غربا ومن تركيا شمالا وحتى جنوب الصحراء بأفريقيا واليمن والصومال جنوبا منذ قرنين وتستمر هيمنتها على العالم الإسلامى حتى اليوم.
وبهذا كله يتبين للجميع كذب اعتبار أن الديمقراطية أو العلمانية أو المنظومة الأخلاقية الليبرالية هى سبب التقدم التقنى والاقتصادى، كما يتبين كذب ادعاء أن هذه المنظومة الديموقراطية تمنع وقوع الحروب. 
هناك تكنيك ومنطق محدد يحكم عملية التقدم الاقتصادى والتقنى وهو الرشد والفاعلية فى الإدارة وتخصيص موارد مناسبة (بشرية ومالية وعلمية) للتعليم والبحث العلمى والتصنيع، فمن فعل هذا تقدم وأنجز سواء كان ماركسيا أو بوذيا أو هندوسيا او يهوديا أو ليبراليا أو مسلما وسواء كان ديكتاتورا أو ديموقراطيا.
ونفس الفكرة تطرد فى السياسة فعملية الوصول للحكم والاحتفاظ به إزاء المعارضة الداخلية أو المعارضة الإقليمية والدولية لها تكنيك محدد يعلمه ويفهمه السياسيون الحقيقيون، وليس من هذا التكنيك الديموقراطية أو إرضاء الأقليات أو إرضاء دعاة حقوق الإنسان او حقوق الحيوان أو حقوق المرأة أو حقوق الشواذ أو إرضاء إسرائيل أو أمريكا أو الاتحاد الأوروبى أو تقديم خطاب دينى او سياسى معتدل أو متشدد ولا يهم أصلا فى عمليات الوصول للحكم والاحتفاظ به ماهية دينك وعقيدتك ومذهبك، فالماركسيون والانقلابيون المستبدون وصلوا للحكم واحتفظوا به لعقود طويلة، كما حكم مسلمون تقليديون آخرون صنفهم الغرب كمتشددين لفترات طويلة نسبيا (كما فى أفغانستان والسودان واحيانا باكستان) وكل هؤلاء لم يكن خطابهم لطيفا بالنسبة للتقييم الأوروبى والأمريكى ولا لمنظمات حقوق الانسان والمرأة والشواذ، فالعبرة ليست بلطف الخطاب واعتداله ولا قبول عقيدة قادة عملية الوصول للحكم والاحتفاظ بالحكم وإنما العبرة هى بالتنفيذ للتكنيك الحقيقى لهذه العملية السياسية لو تخلفت أى جزئية من جزئيات التكنيك الحقيقى المناسب لم يحدث الانجاز مهما توافرت أى أمور أخرى.
لب تكنيك عملية الحكم هو اتقان حفظ الأمن القومى (سواء إزاء التهديدات والتحديات الداخلية أوالإقليمية أوالدولية) وينطبق هذا على أى عملية حكم سواء وصلت للحكم عبر حرب أهلية (كطالبان أفغانستان) أو ثورة مسلحة (مثل "ماو تسى تونج" فى الصين أو ثورة شعبية مثل الخمينى فى إيران) أو انتخابات (مثل حماس فى غزة والضفة وأردوغان وحزبه فى تركيا أو شافيز فى فنزويلا) أو انقلاب (مثل البشير فى السودان)، فكل هؤلاء لم يكن خطابهم لطيفا ولا معتدلا وفقا لتقييم الغرب كما أن أكثرهم لم يكن يدعم حقوق الإنسان ولا المرأة ولا الشواذ ولا الأقليات ورغم هذا نجحوا فى عملية الوصول للحكم والاحتفاظ به إزاء تهديدات عظمى داخلية وإقليمية ودولية، لأن العبرة بجوهر التكنيك والمنطق الحقيقى المطلوب لانجاز هذه العملية السياسية أو تلك.
و من هنا فالتمسح فى الاعتدال أو دعم حقوق الانسان والأقليات والمرأة والشواذ والهيام بإسرائيل او أوروبا أو الولايات المتحدة هى أمور غير مؤثرة فى إنجاز عملية الحكم ولو تبنتها حركة سياسية ما ولم تتبن التكنيك الحقيقى المناسب فلن تنجح فى عملية الحكم وصولا واحتفاظا واستقرارا.
وهذا يشبه ما يسميه علماء أصول الفقه فى باب القياس بالوصف الملغى، فهو وصف قد يتوفر فى العملية لكن وجوده وعدمه سواء فلا يؤثر فى الحكم (أى فى نتيجة العملية).
نعم حفظ حقوق الانسان والأقليات والمرأة واحترام إرادة الشعب هى أمور حسنة أخلاقيا من حيث الاسلام ومن حيث الليبرالية ولكن لوجرت مخالفتها أو مخالفة بعضها فلن تؤدى المخالفة إلى فشل فى التكنولوجيا أو الاقتصاد أو السياسة إذا روعى التكنيك والمنطق الخاص بأى من الثلاثة وإنما ستؤثر المخالفة فى منظومة الأخلاق التى يعتنقها القائمون على العملية.
ومن ضمن الأكاذيب الدعائية أيضا أنه لاتقدم إقتصادى بغير النظام الرأسمالى وهذا إفتراء واضح فماليزيا حققت نهضة اقتصادية عملاقة على يد مهاتير محمد بنظام اقتصادى ابتكره مهاتير بما يتلائم مع طبيعة وثقافة ماليزيا، كما أن الصين هى ثانى اقتصاد على مستوى العالم ورغم هذا هى دولة ماركسية صحيح أدخلت نظما رأسمالية على إقتصادها ولكن كثير من إقتصادها وشركاتها مازالت مملوكة للدولة فواقع الأمر أنها تمارس اقتصادا مختلطا بين الرأسمالية والاشتراكية، ومن الثابت أن ستالين حول روسيا من دولة زراعية متخلفة لقوة صناعية وعسكرية عظمى ذات تقنيات متقدمة عبر اقتصاد اشتراكى، بل إن مزاعم أن التقدم التقنى والعلمى والصناعى الأوروبى (والأمريكى بالتبعية) ناتج عن تراكم رأس المال كثمرة من ثمار النظام الإقتصادى الرأسمالى هو أكذوبة وخديعة كبرى إذ أن الذى راكم الأموال بأوروبا والولايات المتحدة هو نهب ثروات العالم الاسلامى بأفريقيا وآسيا بكميات خيالية ونقلها لأوروبا ومزارع الأوروبيين فى أمريكا، فالأوروبيون الغزاة نقلوا الذهب والفضة والمعادن من البلاد المحتلة بأفريقيا وأسيا إلى أوروبا ونقلوا الرجال الأسرى كعبيد للعمل بالمزارع بأمريكا حتى فرغوا أفريقيا من البشر، ومن الموثق فى التاريخ أنه أحيانا كانت تغرق سفينة أو أكثر بسبب ثقل حمولتها من الذهب أو من العبيد كما انه من الموثق تاريخيا أن  الذهب كان ينخفض سعره بدولة أوروبية ما بسبب ورود سفينة ضخمة محملة بالذهب من أفريقيا، فهذا النهب هو ما راكم الثروة ورأس المال ووفر تكلفة التعليم والبحث العلمى وبناء المصانع الضخمة وليس النظام الرأسمالى المزعوم.