دروس مستفادة من تجارب الإسلاميين فى حكم مصر والسودان وتركيا وأفغانستان (1 من 2)

بقلم عبد المنعم منيب | 14 أغسطس, 2017
عمر البشير و أردوغان
عمر البشير و أردوغان

وصلت حركات إسلامية للحكم فى الثلاثين سنة الأخيرة، فقد وصلت للحكم فى السودان وأفغانستان والصومال ومناطق السلطة الفلسطينية ومصر وتونس وتركيا كما أقامت دولة فى أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، فما أهم الدروس المستفادة من كل هذه التجارب؟؟
تولى عمر البشير الحكم فى السودان عبر انقلاب فى 30 يونيو 1989 بدعم وتأييد كامل من الجبهة الاسلامية بزعامة د. حسن الترابى، ومازال مستمرا فى الحكم حتى اليوم لكن اقتطع جنوب السودان وانفصل عن جمهورية السودان كما يحاول متمردون مدعومون من الخارج الانفصال باقليم دارفور غرب السودان وتعيش السودان فى حالة من الحصار الاقتصادى الأوروبى والأمريكى حتى اليوم.
وأعلنت طالبان دولتها فى أفغانستان 26 سبتمبر 1996 وسيطرت على معظم اراضى أفغانستان واستمرت حتى أسقطها الغزو الأمريكى بنهاية عام 2001م.
وسيطر اتحاد المحاكم الاسلامية على جزء كبير من جمهورية الصومال بدءا من عام 2005 عندما تأسس (المجلس الأعلى لاتحاد المحاكم الإسلامية) فى العاصمة الصومالية مقديشو وذلك بعد أن عمتها الفوضى بسبب الحرب الأهلية التى أعقبت سقوط الجنرال سياد برى رئيس الجمهورية والذى أسقطته القبائل عام 1991، لكن التدخل الإثيوبي العسكري في ديسمبر  2006 أنهى حكم اتحاد المحاكم الإسلامية فى الصومال، وبعد دخول قادة سياسيين من اتحاد المحاكم العملية السياسية المدعومة دوليا عبر مؤتمر أسمرا بأواخر 2006 انفصلت حركة الشباب الصومالية في منتصف عام 2007 عن المحاكم الإسلامية واستمرت فى العمل المسلح ضد القوات الدولية الأفريقية التى دخلت الصومال وأسقطت نظام حكم اتحاد المحاكم الإسلامية كما تستمر فى شن هجمات فى الخارج داخل الدول التى أرسلت هذه القوات كأثيوبيا وكينيا كما تستمر هذه الدول بدعم عسكرى وسياسى واقتصادى أمريكى فى شن هجمات على المناطق التى تتمركز فيها حركة الشباب فى عدد من أقاليم الصومال ولذلك فإن المساحة التى تسيطر عليها حركة الشباب باتت أقل بكثير عما كانت عليه فى السابق.
ووصلت حركة حماس للحكم فى مناطق الحكم الذاتى للسلطة الفلسطينية عام 2006 بانتخابات حرة لم تزور لكنها تعرضت لمحاولة انقلاب فى غزة فتصدت لها وأحبطتها عام 2007 وانفردت بحكم غزة بينما عزلت عن حكم الضفة و اضطهدت فيها، ولا تزال محاصرة حتى اليوم فى غزة كما هو معروف.
ووصل حزب العدالة والتنمية التركى للحكم فى تركيا عام 2004 بانتخابات حرة لم تزور ومازال فى الحكم حتى الآن لكنه يخضع لضغوط أوروبية وأمريكية منعته من تطبيق تعاليم إسلامية فى الحكم والسياسة والقضاء، كما أنه تعرض لمحاولة انقلاب قوية وعنيفة وخطيرة العام الماضى وتمكن من إحباطها بصعوبة، ومازالت قوى إقليمية ودولية تمول أو تساند المسلحين الأكراد الذين يقاتلون للانفصال بجزء من شرق تركيا لتكوين دولة كردية كما أنه من المتوقع أن يتعرض حكم حزب العدالة والتنمية التركى لتحدى محاولة انقلاب أخرى فى المستقبل أو لتفجير حرب أهلية بداخل تركيا نفسها عبر حزب العمال الكردستانى أو غير ذلك.
ووصل الإخوان المسلمون بمصر للحكم عام 2012 عندما أدت ثورة يناير 2011 لإجراء انتخابات بلا تزوير بعكس المعتاد فى أغلب دول العالم الاسلامى لكن قائد الجيش فى العام التالى (2013) عزل الرئيس الاخوانى محمد مرسى بتأييد واسع من الجيش وقوى سياسية ذات توجه علمانى يسارى ويمينى ورجعى على حد سواء بالإضافة إلى تأييد كاسح من الأقباط  الذين يمثلون نحو 6% من مواطنى مصر و حضر البابا تواضروس بابا الأقباط بمصر بجانب شيخ الأزهر المؤتمر الذى ألقى فيه قائد الجيش بيان عزل مرسى.
وتولت حركة النهضة الحكم فى تونس بسبب إجراء انتخابات غير مزورة بعد ما أطاحت ثورة الكرامة بزين العابدين بن على رئيس الدولة عام 2011 ولكن حزب النهضة بعدما ما رأى ما حدث للاخوان فى مصر بادر إلى عقد اتفاق سياسي تنازل بموجبه عن الحكم وأجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية وخسرها لصالح حزب يمثل الثورة المضادة.
واستولى تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد (المعروف إعلاميا بداعش) على أجزاء واسعة ومدن كبرى فى كل من العراق وسوريا واعلن قيام دولة الخلافة الإسلامية فى يونيو 2014 وصار ممتلكا لموارد واسعة من نفط وزراعة ومعادن وآثار وماء وبشر وأرض واسعة بالاضافة لأموال ضخمة استولى عليها من بنوك الدولة فى المدن الكبرى العراقية والسورية التى استولى عليها كما استولى على كميات ضخمة من الأسلحة الثقيلة تكفى لتكوين جيش ذى ثقل لا بأس به وصارت رقعته الجغرافية تعادل مساحة العديد من دول العالم المتوسطة الحجم بل تفوق بعضها وذلك بحلول عام 2015 إلا أنه منذ نهايات 2015 وحتى الآن تلاشت دولته بالعراق والشام تدريجيا حتى أوشكت الآن (2017) على الفناء تحت وطأة ضربات قوات عراقية وسورية مدعومة شيعيا وايرانيا وأمريكيا وأوروبيا وعربيا.

آليات الوصول للحكم

وصل الاسلاميون للحكم فى السودان بانقلاب عسكرى ، أما طالبان فى أفغانستان والمحاكم الاسلامية فى الصومال فكلاهما وصلا للحكم عبر حرب كانت مزيجا من حرب العصابات والحرب النظامية بدعم سياسى وبشرى شعبى واسع من قبائل المنطقة بهدف التصدى للفوضى وانعدام الأمن وغياب الاستقرار.
و بنفس طريقة المزج بين تكتيكات حرب عصابات والحرب النظامية وصل تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام لإقامة دولته مستغلا أيضا حالة الفوضى وانعدام الأمن وغياب الاستقرار واضطهاد الشيعة والعلويين للأغلبية السنية ورغم هذا فقد كان تنظيم الدولة أكثر خشونة من المحاكم الاسلامية فى الصومال وطالبان فى أفغانستان وبالتالى حظى بدعم شعبى أقل واعتمد على الخشونة العسكرية والقمع الأمنى بقدر أكبر.
أما فى مصر وتونس فقد وصل الاسلاميون للحكم بانتخابات حرة عندما أدت ثورة الربيع العربى لإجراء مثل هذه الانتخابات فى البلدين.

أدوات إسقاط الاسلاميين من الحكم

هناك أداة واحدة أو رئيسة أسقط الإسلاميون بها من الحكم وهى القوة العسكرية كما حدث فى أفغانستان والصومال والعراق وسوريا ومصر أو التلويح والتخويف بها كما فى تونس، وحتى فى الأماكن التى لم يسقط فيها حكم الإسلاميين حتى الآن وذلك فى غزة والسودان وتركيا فقد جرى استخدام القوة العسكرية فيها لعزل الاسلاميين ولكن عملية العزل فشلت فجرى اقتطاع جزء من كل من السودان ومناطق السلطة الفلسطينية وسلخ بعيدا عن حكم الاسلاميين، إذ عزلت حماس عن حكم الضفة الغربية أو حتى النشاط العملى فيها كما اقتطع من السودان جنوبها ويجرى منذ سنوات محاولات حثيثة لاقتطاع غربها "دارفور"، وبجانب عملية الاقتطاع الجغرافى السياسى هذه فقد جرى فرض حصار اقتصادى وسياسى على كل من غزة والسودان حتى الآن، ولعلهم يتربصون بتركيا لاقتطاع الجزء الكردى منها بعد فشل الانقلاب العسكرى فيها العام الماضى.

ونكمل غدا إن شاء الله عن مراحل إسقاط الإسلاميين المعتادة والدروس المستفادة.