إشكالية البعث الحضارى للحضارة الإسلامية الآن هى أنها لا تشبه أى نهضة إسلامية مضت فى ظل أى استضعاف سابق أو هزيمة سابقة...
ففى عصر مواجهة الحملات الصليبية على المشرق العربى واحتلال معظم الشام وفلسطين وكل القدس كان هناك منظومات وأنساق إسلامية قائمة لكن هزمت لما أصابها من تدهور كان محدودا أيا كانت درجته فقام عماد الدين زنكى وابنه نور الدين محمود وتلميذه صلاح الدين الأيوبى بإصلاح التدهور المحدود وارتكزوا على هذه المنظومات والأنساق العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة هذه..
وفى لحظة كسر الهجمة التتارية فأيضا ارتكز قطز وبيبرس على منظومات وأنساق حضارية إسلامية قائمة بمصر والشام واليمن والجزيرة العربية ..
وحتى فى لحظة بناء النبى صلى الله عليه وآله وسلم لدولة الإسلام الأولى والتمكين لها ارتكز النبى صلى الله عليه وآله وسلم على منظومات وأنساق قائمة للأوس والخزرج بجانب المهاجرين..
أما اليوم فلا أوس و لا خزرج ولا مهاجرين.. نعم كانت بداية الإسلام بمكة أصعب ولكنها صعوبة واقع مختلف عن واقعنا الحالى.. واليوم هناك مليار وثلث المليار من المسلمين لكنهم متشرذمون ومتناحرون وأُعجب أكثرهم بآرائهم أو آراء احزابهم وجماعاتهم أو تعلقوا بما تربوا عليه وألفوه من عادات وتقاليد سياسية واجتماعية منافية لمقتضيات البعث الحضارى الإسلامى واستسهل أكثرهم تكوين المواقف والآراء الهامة بلا دراسة كافية وعزف كثير منهم عن العلم، وتعلق كثير من أمة المليار بالشهوات والأهواء وداروا معها حيث دارت..
ومن هنا يبدأ من يبدأ بالنهوض الإسلامى من واقع مرير وبلا سابقة تاريخية (بالتاريخ الإسلامى) يمكنه الاستفادة من خبرتها مباشرة أو تقليدها بسهولة.