روادتني فكرة مهمة (منذ 3 يوليو 2013) و هي:
إن الأحداث حسمت أكثر القضايا الخلافية في ما بين الحركات الاسلامية في مجال العمل الاسلامي فجماعة القطبيين كانوا يقولون منذ السبعينات يجب تربية قاعدة عريضة من الشعب عقائديا لتتقبل الحكم الاسلامي لأننا لو حكمنا الناس على هذا الوضع من الجهل فسوف يثورون على الحكم الاسلامي، و كانت جماعة الاخوان و جماعة الجهاد يختلفون معهم في ذلك كل لأسبابه و وجهة نظره، ثم جاءت الأحداث ليثور قطاع لا بأس به من الشعب المصري ضد رئيس منتسب لجماعة الاخوان المسلمين مما أعاد الاعتبار لهذه الرؤية القطبية لحد كبير.
و كانت جماعة الاخوان المسلمون ترى أنه لابد أن يقوى بناؤها التنظيمي و يتوسع في إطار التزام حازم بالانضباط و السمع و الطاعة و بتربية كفاحية لهذا الكيان بكل أفراده، و بذلوا في سبيل ذلك الكثير و امتلكوا لتحقيق ذلك تكتيكات مناسبة و مكافئة لتحقيق هذا الهدف، و عملوا في العديد من القطاعات مثل النقابات المهنية و الأحياء و القرى السكنية و النقابات العمالية و الجامعات و المدارس الثانوية كما انتهزوا كل الفرص للتهدئة مع النظام الحاكم و أجهزته الأمنية، كي يعطوا لأنفسهم مزيدا من الفرص لاستكمال هذا البناء، ثم جاءت ثورة يناير 2011 و أحداث رابعة و النهضة و ما بعدها لتثبت أن الكتلة الكبيرة الصلبة المنظمة التي يمكن الارتكاز عليها في العمل الكفاحي و يمكنها تحمل الكثير من المحن و تقديم التضحيات في سبيل المبادئ هي تلك الكتلة التي كونوها ، رغم أن جماعات القطبيين و الجهاد كانت قبل يناير 2011 غير مقتنعة بما تفعله جماعة الاخوان المسلمين و كانوا يقللون من قيمته.
و كانت جماعة الجهاد ترى أن أهم شئ هو السيطرة على ما يسمى حاليا بالدولة العميقة (كانوا هم يسمونها المؤسسات الاستراتيجية في الدولة)، و كانوا يركزون على تجنيد أعداد قليلة من الأعضاء و تأهيلهم لتولي هذه الأمور و القدرة على السيطرة عليها و تسييرها، و كانوا يختزلون قضية الصراع كلها في هذا الأمر، و يرون أنه لا الشعب و لا الجماعة كثيرة العدد و لا الإعلام لهم أهمية، و يقولون إن السيطرة على المؤسسات الاستراتيجية في الدولة تجعل كل هؤلاء طوع يمينك، و كانت جماعة الإخوان المسلمون و جماعة القطبيين يرفضون هذه الرؤية و يعتبرونها تبسيطية و غير صحيحة، ثم جاء تولي د.مرسي للحكم و عدم قدرته (لا هو و لا كل جماعة الاخوان المسلمين بقدراتها البشرية و المالية الضخمة) على السيطرة على المؤسسات الاستراتيجية للدولة بما أدى بعد سنة الى اسقاطه و حدوث كل ما حدث، إن حكم د.مرسي الضائع هذا أثبت أهمية السيطرة على الدولة العميقة من قبل الحاكم و الا لما اعتبر حاكما.
و لعل الناظر من الخارج يتعجب من جمع الجميع لعناصر النجاح لولا تفرقهم، و في الواقع أنهم متفرقون و قد يظلون متفرقين، لأن أغلب قادة الحركات الاسلامية المصرية يحقر و يسفه كل منهم ما عند غيره من أراء و أفكار، و يعجب جدا و يستعلي بما عند جماعته من أفكار، و لذلك ليس عجيبا أن نجد الآن من يتغزل في جماعته و يعتبر كل نكسة و هزيمة لها انما هو انجاز و انتصار من أعظم انجازات و انتصارات التاريخ.
ـــــــــــــــــــ
نشرت هذا الموضوع سابقا على صفحتى على الفيس بوك بتاريخ 23 ديسمبر 2014.