الإقلاع والترفع عن الشهوات والرغبات طريق النجاح والمجد

بقلم عبد المنعم منيب | 6 مايو, 2016
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كثير من الحكماء والعظماء عبر التاريخ اقلعوا عن الشهوات بشكل عام او عن الافراط فيها ولجأوا الى تنظيمها وترشيدها ليس تدينا ولا خوفا من الله ولكن لادراكهم أنهم لو انغمسوا فيها لكان ذلك عائقا لهم عن تحقيق انجازات دنيوية ضخمة تحقق لهم العظمة التي هدفوا لها، وكثير من القادة والرموز الذين لعبوا دورا مهما في التسبب بانهيار قومهم او حضارتهم او مملكتهم انما دفعهم لهذا انغماسهم البالغ في تلبية ما تمليه عليهم شهواتهم.

كثير من الناجحين في الحياة فهموا هذا الدرس وعلموا ان الاقلاع عن بعض من شهواتهم سيحقق لهم الانجازات التي يرشدهم عقلهم لتحقيقها فاقلعوا عن تلبية نداء بعض الشهوات ورشدوا بعضها الاخر، لينجحوا في تحقيق اهدافهم حتى وان كانت اهدافا دنيوية، بعض دعاة الشهوات والغرائز والرغبات الآن يرتكزون على نقد المحرمات في الاسلام بأن هذا المحرم او ذاك هو شئ لذيذ وممتع او جميل فكيف يحرمه الاسلام؟ بينما غاب عنهم (أوتغابوا هم) عن أن تحريم بعض الامور أو تقييدها انما هدفه في الاسلام واحد او أكثر من الاهداف التالية:
-تحقيق مصلحة للفرد او المجتمع بنحو ما تمنع الطعام عن مريض ليشفى.
-دفع مفسدة عن الفرد او المجتمع بنحو ما تمنع السموم او الفيروسات عن الشخص لئلا يتضرر.
-اختبار الفرد او المجتمع عبر الابتلاء بتكليف التحريم ليظهر امتثاله لامر الله حتى الموت على ذلك.
-تقوية شخصية الفرد او المجتمع عبر تقليل تأثير سيطرة الرغبة (الشهوة) التي هي وجدانية او عاطفية في المقام الأول لصالح سيطرة دوافع العقل والمنطق العاقل على الشخصية ومن ثم سلوك هذا الشخص او ذاك المجتمع.
و من هنا فلا يكون التحريم للشئ غير الممتع او غير الجميل فقط لان مناط التحريم ليس مرتبطا بالقبح والجمال ولا بالمتعة او عدمها انما مناطه شئ او اكثر مما قلناه، فالعبرة في الموضوع هي أمر الله ونهيه في الشئ وليس في جماله وقبحه.
كما ان العقلاء بصوابية تفكيرهم يفهمون التأثير السلبي للانغماس في الشهوات بلا أي ترشيد او تقييد حتى لو لم يكن هناك ثم دين يقوم بهذا الترشيد والتقييد.

هامش توضيحي مهم
الشهوات والرغبات ليست فقط الرغبات الجنسية أو رغبة الطعام أو المال ونحوها مما ورد في آية سورة ال عمران (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) الآية 14، ولكنها تشمل أيضا رغبات معنوية عدة مثل حب الشرف والسلطة والجاه والشهرة والعلو وكل ذلك ورد في ايات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة عديدة ومشهورة مثل قوله تعالى: "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" سورة القصص آية 83، فذكرت الآية شهوتين مختلفتين هما:

-العلو

-الفساد

وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما ذئبانِ جائعانِ أُرْسِلا في غنمٍ بأفسدَ لها من حرصِ المرءِ على المالِ والشرفِ لدينهِ" رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح وصححه ابن رجب الحنبلي والألباني، وهذا الحديث النبوي المهم ذكر شهوتين أخرتين هما:

-الحرص على المال

-الحرص على الشرف.

وقد ذكرنا مجرد أمثلة ولكن نصوص القرآن والسنة مليئة بذكر عدد آخر من الشهوات النفسية للإنسان مثل الحسد والكبر والغضب واللغو وغير ذلك، وقانا الله وإياكم الشهوات ومفاسدها الدينية والدنيوية.