كيف تواجه السعودية وتركيا معول الهدم بيدي ايران وروسيا؟

بقلم عبد المنعم منيب | 4 فبراير, 2016
ظلت روسيا والدول الأوروبية تغذي الفتن والحركات الانفصالية في الدولة العثمانية وكل المتمردين عليها (خاصة في أواخر عمرها) بالمال والسلاح والخبرات بل بالقوات أحيانا، وظلت الدولة العثمانية تحافظ على النظام والوضع الدولي فلا تهاجم هذه الدول الداعمة والراعية بالسلاح بل ركزت جهدا ومالا و سلاحا كثيرا لمحاربة القوى المتمردة الى أن أنهكت قوة الدولة العثمانية تماما وسقطت، بينما صعدت الدول التي دعمت المتمردين لأنها لم تتعرض لخسائر كبرى، في مثل هذه الحالات فإن الأفضل (استراتيجيا من وجهة نظري الشخصية) أن تضرب قلب وعقل العدو لا أذرعه لأنك كلما قطعت له ذراعا فإن قلبه وعقله سيخلق عشرة أذرع أخرى، وهذا ما حدث مع العثمانيين إذ هزموا الصفويين بعد عناء فسرعان بعدها (بفترة ما) ما خلق الروس والأوربيون قوى عديدة متمردة على العثمانيين في اليونان وشرق أوروبا بعامة وغيرها وصولا للشريف حسين وحركة القومية العربية التي أسموها بالثورة العربية.. الخ.
نفس الخطأ أراه يتكرر اليوم فتقاتل السعودية ذراعا ايرانيا في اليمن وقد تعجز عن قطعه وحتى لو قطعته فإن عقل وقلب المشروع الايراني الشيعي بالمنطقة يقبع مرتاحا في طهران، ويتكرر الأمر في سوريا فتكافح السعودية وتركيا لدعم ثوار سوريا ضد ذراع ايراني هناك فتنهك وتعجز عن قطعه وحتى لو قطعته فسينبت الفا بدل منه عبر المال والرجال والسلاح الذي تضخه ايران وروسيا الى دمشق.
صحيح أن السعودية تترك أسعار النفط تنهار كي تستنزف الاقتصادين الروسي والايراني ولكن هذا لا يكفي في الواقع، ولو كان النظام الدولي والارتباطات الدولية ومستوى التسليح لدى قطر و السعودية و تركيا لا يسمح بالدخول في حرب نظامية مباشرة مع روسيا و ايران ولا استنزاف قلب وعقل موسكو وطهران فإن حركات المقاومة الداخلية في روسيا وايران لاتقيدها ارتباطات دولية وموازين استراتيجية ويمكنها أن تهاجم أين ما تشاء ومتى ما تشاء، وحتى لو عدمت السعودية وتركيا هذه الحركات (وهي موجودة فعلا) فإن ايجادها من عدم ليس صعبا.
إن إيران وحليفتها روسيا يمارسون السياسة ليس بمبضع الجراح وحسب بل وبمعول النحات، ولا يمكن لعاقل أن يظن أنه يمكنه التصدي لمبضع الجراح أو معول النحات عبر الخطب الحماسية والتصريحات النارية وقصائد الشعر الهجائية، من يمارس السياسة والاستراتيجية فعليه أن يمارسها بقلب شجاع لا يعرف الخوف وبيد حديدية لا ترتعش وبعقل يتمتع بذكاء الحكماء ومكر الدهاة، فإن لم تملك هذا أو لم ترد أن تكون هكذا فاقعد في بيتك واكتب شعارات وخطابات على الفيس بوك وتويتر مثلي.