رسالة أسامة بن لادن.. ما أهميتها؟؟

بقلم عبد المنعم منيب | 21 مارس, 2008
أسامة بن لادن
أسامة بن لادن

أطلقت مؤسسة سحاب (الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة) بالأمس تسجيلا صوتيا لأسامة بن لادن استغرق خمس دقائق و صحبته صورة حديثة لبن لادن يمسك ببندقية هجومية حديثة, و قد هاجم بن لادن في رسالته الصوتية الإتحاد الأوروبي بسبب الرسوم المسيئة للرسول الكريم, وخاطب بن لادن من وصفهم بالعقلاء في الاتحاد الأوروبي، قائلا "إن نشر تلك الرسوم هدفه اختبار المسلمين في دينهم، والجواب هو ما ترون لا ما تسمعون فلتثكلنا أمهاتنا إن لم ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وانتقد بن لادن التذرع بحرية التعبير لنشر الرسوم قائلا: "لا داعي إلى التحجج بقدسية حرية التعبير عندكم وقداسة قوانينكم وأنكم لن تغيروها، وإلا فعلى ما تم إعفاء الجنود الأمريكيين من الخضوع إلى قوانينكم فوق أرضكم، وعلى ما تقمعون حرية من يشكك في أرقام حادثة تاريخية", مشيرا بذلك للمحرقة النازية لليهود.
وانتقل بن لادن بعد ذلك للهجوم على العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز قائلاً: "ثم إنكم تعلمون أن هناك رجلا واحدا يستطيع أن يوقف هذه الرسوم لو كان الأمر يعنيه وهو الملك غير المتوج في الرياض، والذي كان أمر بإيقاف هيئاتكم القانونية عن العمل بشأن التحقيق باختلاس المليارات من صفقة اليمامة."
وأضاف زعيم القاعدة في تسجيله الصوتي أن "العداء بين البشر قديم ولكن عقلاء الأمم حرصوا في جميع العصور على الالتزام بآداب الخلاف وأخلاق القتال، إلا أنكم في صراعكم معنا تخليتم عن كثير من أخلاق القتال عمليا وإن كنتم ترفعون شعاراتها نظريا".
وتابع قائلا إن أوروبا تستهدف عن عمد النساء والأطفال المسلمين "مجاراة لحليفها الذي أوشك هو وسياساته العدوانية على الرحيل من البيت الأبيض"، في إشارة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش.
كما شن بن لادن هجوما على بابا الفاتيكان بسبب ما اعتبره بن لادن دورا له رئيسي في حملة الرسوم المسيئة, ولذلك هاجم الذين يسعون للحوار مع الفاتيكان و اعتبر أنه لاجدوى من أي حوار معه.
و كالمعتاد اختلفت و تعددت أراء المراقبين بشأن الأهداف و المعاني التي تتضمنها هذه الرسالة المسجلة, فالبعض اعتبروها تشير إلى الإعداد لهجوم وشيك من القاعدة على أى من أقطار الإتحاد الأوروبي خاصة الدانمارك صاحبة الرسوم المسيئة, و البعض رأى أنها تتضمن أيضا رفضا للحوار مع الفاتيكان الذي يقوم به عدد من القيادات الإسلامية, و دعوة لهذه القيادات بمواجهة ما يعتبرهم أعداء للإسلام بدلا من محاورتهم.
و البعض قال إن الهجوم المرتقب على أوروبا ليس وشيكا فالرسالة في رأي هذا الفريق من المراقبين لا تشير لأي إطار زمني رغم أن التهديد فيها واضح, و اعتبروا أن الرسالة مجرد تحفيز لأنصاره ليضربوا في أوروبا خاصة في الدانمارك.
و مما لاشك فيه أن هذه التحليلات تعبر في معظمها عن سوء الفهم السائد لدى دوائر تحليل الحركات الإسلامية لاسيما المراكز الغربية منها, ومما لا شك فيه أيضا أن بن لادن لا يأمل في أي استجابة من القيادات الإسلامية التي يهاجمها بسبب سكوتها على الرسومات المسيئة للرسول وبسبب حوارها مع الفاتيكان, لكنه يريد بذلك أن يحرج هذه القيادات أمام الجماهير كي تمتنع عن تأيد هؤلاء القادة و تتوجه لتأييد القاعدة.
كما أن رسائله الموجهة لأوروبا ليس الغرض منها إقناع الإدارات الأوروبية بتغيير سياساتها بقدر ما هو الغرض منها مخاطبة اليسار الأوروبي و القوى المناهضة للعولمة وللحروب الأمريكية على العراق و أفغانستان و نحوها من القوى المحبة للسلام و حوار الحضارات و هو ما يعد تطورا هاما في خطاب القاعدة و رغم أنه بدأ من فترة إلا أن مساحة الاهتمام بمخاطبة هذه القوى زادت في هذه الرسالة.
أما عن توقيت أي عملية مرتقبة للقاعدة ضد الدانمارك أو مصالحها في أي مكان في العالم فأنا أرى أنه وشيكا جدا ما لم يحدث ما يعطلها في لحظتها الأخيرة, بل ربما تقع هذه العملية يوم ميلاد النبي محمد (ص) أو قريبا منه, كتعبير رمزي من تنظيم القاعدة عن الوفاء للنبي محمد بلغة تنظيم القاعدة, و هذا ليس رجما بالغيب إنما فهما دقيقا من قولة بن لادن في رسالته "و الجواب ما ترون لا ما تسمعون" و هي كلمة قالها الخليفة العباسي المعتصم بن هارون الرشيد عندما حرك جيوشه ضد الإمبراطورية الرومانية نصرة لأسيرة مسلمة لديهم استغاثت بالمعتصم و عندما كتب المعتصم هذه المقولة للروم حرك قواته فورا و حرر الأسيرة واحتل بلاد شاسعة تابعة للروم, و هذه الواقعة مشهورة و محبوبة لدى الحركات الإسلامية بكافة اتجاهاتها الفكرية و تعبر لديهم عن اقتران الأقوال بالأفعال لدى القادة السياسيين في العصر الذهبي لتاريخ الإسلام حسب تصورهم. 
يشار إلى أن آخر رسالة لبن لادن الذي يشتبه بأنه مختبئ في مكان ما على الحدود بين أفغانستان وباكستان تعود إلى 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي حذر فيها المسلمين من تقديم أي دعم للحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة ووعد بـ"تحرير فلسطين".