هوامش حول حقيقة السادات و نصر أكتوبر 1973

بقلم عبد المنعم منيب | 7 أكتوبر, 2014
السادات و حرب أكتوبر
السادات و حرب أكتوبر
لاحظت ان كثيرا من الشباب يتداولون كلاما فارغا و لا قيمة له علميا و موضوعيا عن السادات و عصره في اطار كلامهم عن حرب أكتوبر 1973 ، و أريد أن أنبه هؤلاء الأخوة و الأخوات الى أن السادات هو من أسس لكل مصائب مصر و العرب التي نعيشها الآن، و منها على سبيل المثال لا الحصر:
-الفساد و المحسوبية في كل مستويات الحكم
- تكسب أسرة الحاكم من الحكم (مشاريع جيهان و شقيقها)
-تزاوج الحكم مع رجال الأعمال اذ زوج ابنتيه لابني أكبر رأسماليين في عصره عثمان احمد عثمان و سيد مرعي و كلا الرجلين كانا مسئولين في حكمه و مستشارين له كما شكلا مركزي قوة في نظام حكمه.
 -الانبطاح أمام أمريكا و اسرائيل و تقديم التنازلات لهما مقدما ثم انتظار احسانهما و كرمهما في مقابل هذه التنازلات و الانبطاح غير المشروط.
 -جذب الشعب المصري للتمحور حول شهواته الشخصية بدعوى المصلحة المصرية و ان العرب خذلونا و استنزفونا في الصراع مع اسرائيل و هم يتفرجون و بالتالي التحلل من أي التزامات عامة (اسلامية أو قومية).
-التأسيس للارتباط بالنظام الرأسمالي الدولي دون ضابط أو رابط مما فتح باب مصر لينهب الرأسماليون الدوليون و أذنابهم المصريون لثروة مصر من المصانع الضخمة فضلا عن احتكار سوق التجارة و الخدمات و العمل المالي و المصرفي و هو ما أطلق عليه الوطنيون وقتها شعار "انفتاح السداح مداح" لأن السادات وقتها أطلق عليه لفظ "سياسة الانفتاح".
 
و الحسنة الوحيدة للسادات تنحصر في أمرين:    
 
الأولى- افساحه المجال أمام العمل السياسي و الدعوة الاسلامي:
 
و هذا الأمر في الواقع لم يكن لوجه الله كما لم يكن لوجه الوطن إنما كان ضرورة واقعية و سياسية ، لأن الدعوة الاسلامية انتشرت جماهيريا و بعيدا عن الاخوان المسلمون الذين كانوا وقتها في السجن فكانت الدعوة المتنامية بعيدا عنهم ستشكل خطرا على نظام حكم السادات و هو خطر أبعاده و طبيعته مجهولة لأنهم شباب جدد و ليس لهم قيادة موحدة و لا يمكن توقع خطواتهم المستقبلية و لا ردود أفعالهم كما ان مواجهتهم بالقمع حتى لو فرضنا أنها ستنجح فكانت ستتطلب جهدا و وقتا و عناءا هو غير مستعد له في خضم أزمة الشرعية التي كان يعيشها و في ظل عدم تحرير سيناء و حاجته لمواصلة الصراع مع اسرائيل و في ظل صراعه مع الماركسيين و الناصريين على الحكم و في ظل أزمة معاناته من تململ الشعب من عدم الحسم مع اسرائيل و الضغط الشعبي عليه و مطالبته بالحسم و في نفس الوقت لديه أزمة استمرار مشكلة النظام مع جماعة الاخوان المسلمين الموجود أغلب قادتها بالسجن بينما ينتشر بعضهم حول العالم و يضغطون عليه اعلاميا و سياسيا كل هذا حتم عليه أن يفسح المجال للعمل الاسلامي و يخرج الاخوان من السجون باتفاق مع عمر التلمساني (المرشد العام للاخوان حينئذ) على أن يقوم الاخوان باحتواء الشباب و استقطابهم بعيدا عن العنف.. و هناك معلومات مؤكدة أن هذا التوجه كان يتم التخطيط له منذ نهاية عهد ناصر لنفس الأسباب أو لأغلب هذه الأسباب التي سقناها.
 
الثانية- قيامه بحرب أكتوبر 1973:
 
و هذا الأمر على عظمته العملية فهو كسابقه أجبر عليه لأنه من الثابت تاريخيا أنه تواصل مع كيسنجر و طالبه بحل سلمي للصراع مع اسرائيل فأرسل له ردا مفاده أنه في ظل الأوضاع الاستراتيجية الراهنة فإن أحدا لن يعبأ بالسعي لحل للصراع و من ثم فهم السادات أنه لا سبيل للوصول للتفاوض مع اسرائيل الا بتغيير الأوضاع الاستراتيجية عبر عمل عسكري و من هنا اضطر للحرب رغما عنه و لذلك سمى كثيرون (و أظن أن السادات ممن أطلقوا هذا المصطلح في مناسبات معينة) حرب أكتوبر بحرب تحريك الموقف.
أما كل الأجواء الاحتفالية التي تعالج به المناسبة منذ الحرب و حتى الآن فهي ناتجة عن الانفعال الوطني المتعطش لأي انجاز حتى لو كان انجازا وهميا متفاعلا في ذلك مع الآلة الاعلامية التي تحركها أجهزة الحكم لأهداف معينة.
فضلا عن أن ادارة المعارك على الأرض اتسمت في كثير منها بالعظمة و لكن هذه العظمة انما تنسب لأصحابها من القادة الذين أداروها فعليا و كلهم ماتوا و لم يتبق منهم أحد اليوم و على رأسهم سعد الدين الشاذلي (رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة وقتها و قبلها) و محمد عبد الغني الجمسي (رئيس عمليات القوات المسلحة و قتها) .. أما جر الآلة الاعلامية هذه العظمة لاسباغها على كل من يلبس البدلة الميري الآن حتى و لو كان طفلا صغيرا وقت حرب 1973 فهو دجل و من يتبع هذا الدجل فهو أبله.
طبعا كل نقطة مما سبق من أول المقال لآخره بحاجة لكثير من التفصيل و ممكن نفصلها و نناقشها معا ان شاء الله في مناسبات أخرى و لكن أنا كتبت هذا الموضوع القصير الآن على عجل (في ظل ضيق الوقت) لأني شعرت أن الشباب الآن لا يفهمون حقيقة عصر السادات لأنهم لم يعيشوه كما أنهم واضح أنهم لا يقرأون مصادر جيدة توضح لهم الأمر و ينساقون وراء المعالجات السطحية و الضحلة التي تتناول الموضوع. 
 
و في النهاية لا ينبغي لعاقل أن ينسى أن أحد سيئات السادات هو تولية حسني مبارك الحكم ليكمل التخريب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الديني الذي بدأه السادات نفسه و كفى بها سيئة اذ لو لم يكن له سيئات غيرها لباء بخزي الدنيا و الآخرة بسببها. 
عبد المنعم منيب