في أيام حكم مرسي .. لما ذهب عصام الحداد لأمريكا و قابل أوباما و جلس معه 45 دقيقة منفردا طلب منه نصائح و معلومات لكيفية السيطرة على الجيش ديمقراطيا فقال له أوباما لما ترجع مصر سأرسل لك فايل عن هذا الأمر عبر البنتاجون و لما رجع الحداد مصر فوجئ باحد أعضاء المجلس العسكري يقول له "بقى أنت رايح لحد أمريكا وأوباما علشان تقوله عاوز نصيحة في التحكم في القوات المسلحة… السيسى عرف بالموضوع، يا راجل عيب كده".
هذه رواية الحداد لمحمد فهمي لما تقابلوا في السجن.
***
لو كانت هذه الواقعة صحيحة فأظن أن الحداد لم يكن مقصده أخذ مشورة أوباما انما كان مقصده حض اوباما على دعم حكم الاخوان و الرئيس مرسي ضد العسكر و لكنه طلب هذا الدعم بصيغة المشورة حول الطرق الديمقرطية للسيطرة عليهم .. الخ .
أما أردوغان فقد قرأت في مكان ما (لا أذكر الآن أين) أن أردوغان أرسل لمرسي رئيس المخابرات التركية قبل الانقلاب بفترة وجيزة ليحذره من انقلاب وشيك ، كما أن العديد من قادة الاسلاميين المصريين ذوي الرأي و الخبرة حذروا الاخوان مرارا منذ بداية حكم مرسي من انقلاب العسكر .. و الشائع بين الأخوة و الاخوات ان حازم أبو اسماعيل هو من انفرد بادراك هذا الخطر العسكري و التحذير منه لكن هذا مخالف للحقيقة فأكثر ذوي الرأي و الخبرة من الاسلاميين حذروا الاخوان من هذا الخطر لكن الفارق أن حازم كانت أضواء الاعلام مسلطة عليه فشاع رأيه بينما الآراء المماثلة من غيره من القادة كانت تقال في غرف مغلقة موجهة لكافة قادة الاخوان و ممن وصلت له رسالة الاسلاميين واضحة في هذا د. بديع و مهندس خيرت الشاطر و د. مرسي نفسه في قصر الرئاسة ..
ثم ان معرفة مرسي بنتيجة لجنة تقصي الحقائق و ان مخابرات السيسي بقيادة السيسي هي المسئولة عن قتلى التحرير وقت الثورة أو المتسترة على القناصة ألم تكن هذه كافية لتحذير مرسي و الاخوان بالخطر المحدق بهم و بالبلد ؟؟!! ..
و هذا كله يوضح أن المشكلة ليست في عدم ادراك الخطر فكل القادة (اخوان و غير اخوان) كانوا يعرفونه جيدا و لكن المشكلة في منهج التعامل مع هذا الخطر ، فالاخوان منهجهم املى عليهم اللعب بثلاث ورقات لا ثالث لهم و هم:
(1)محاولة اقناع امريكا بتأيدهم و مساندتهم ضد العسكر بتقديم أنفسهم على أنهم الاسلام المعتدل الذي سيفيد أميركا لأنه أكبر ضمانة لمكافحة المتطرفين (يقصد بهم الجهاديين كافة).
(2)مهادنة أجهزة الدولة العميقة أمن و مخابرات و جيش و بيروقراطية فاسدة و اعلام متحالف مع كل هذه الأجهزة باقرارهم على اوضاعهم وامتيازاتهم على أمل أن يقبلوا بحكم الاخوان و لا يناهضوه.
(3)التلويح بورقة السيطرة على الشارع و القدرة على حشد مئات الألوف في مظاهرات و اعتصامات.
و رغم أن هذه الورقات الثلاث فشلت فشلا ذريعا في تثبيت حكم الاخوان فمازال الاخوان يعتمدون عليها وحدها بهدف اسقاط حكم السيسي و اعادة د. مرسي و الاخوان الى الحكم.
***
و يرتبط بهذه الطريقة في التفكير السياسي لدى الاخوان المسلمون في مصر ما فعله اخوان اليمن مؤخرا عندما توسع الحوثيون عسكريا حتى سيطروا على معظم اراضي اليمن..
فالكثيرون يتعجبون من موقف اخوان اليمن حيث رفضوا مقاومة الحوثي بالسلاح في اليمن عندما توحش و هاجم صنعاء و مقار الاصلاح و جامعة الايمان و بيوت قادته ثم عاد الاخوان عند اندلاع عاصفة الحزم ليتخذوا موقفا مختلفا بتأييد العاصفة علنا....
و اعتبر البعض أن هذا موقف متناقض اذ لو انك تقول سلمية أو منهج اصلاحي فاستمر عليه فما هذا التناقض؟؟
يوجد أمر .. لا يلاحظه أكثرنا.. و هو أن السلمية أو ما يصطلح عليه بالمنهج الاصلاحي ليس هو ثابت الاخوان المسلمون الأساسي لكن لديهم ثوابت أهم من ذلك و هو أن ترضى عنهم أمريكا و ما تمثله من نظام دولي فلا يتهمهم النظام الدولي بأنهم ارهابييون أو متطرفون و من هنا حرصهم على عدم حمل السلاح هنا او هناك..
البعض يفهمهم خطأ فيتهمهم بالجبن و آخرون يتهمونهم بأنهم يحافظون على مصالحهم الاقتصادية، و كل هذا غير صحيح فالاخوان ليسوا جبناء و لا يضنون بانفسهم و اموالهم في سبيل مبادئهم و لكنهم مهتمون و مصممون على ان يرضى عنهم النظام الدولي و يعتبرهم البديل المعتدل عن الحركات الاسلامية الأخرى و مصممون أن ينفذوا أهدافهم عبر التفاهم مع النظام الدولي و دون الاصطدام به و لذلك رفضوا حمل السلاح ضد الحوثي اولا و لكن عندما أعطى النظام الدولي الضوء الأخضر للسعودية للحرب في اليمن فحينها أيد الاخوان المسلمون ما أيده النظام الدولي.