سيد إمام الشريف من كلية الطب إلى مراجعات تنظيم الجهاد

بقلم عبد المنعم منيب | 2 ديسمبر, 2007
د. سيد امام
د. سيد امام

ارتبطت مراجعات تنظيم الجهاد الأخيرة في السجون باسم الدكتور سيد إمام الشريف صاحب الوثيقة الأهم في هذه المراجعات "وثيقة ترشيد العمل الجهادى".و تاريخ سيد إمام وعلاقته بتيار الجهاد المصرى أمر مجهول للرأى العام, وهو مثله في ذلك مثل سائر رموز التيارات الإسلامية المحظورة تندر المعلومات المعلنة عنهم ، لكننا في السطور التالية سنكشف عن جانب هام من المعلومات التاريخية المؤكدة عن د.سيد إمام الشريف كنا قد جمعناها من عدد من المعاصرين للأحداث الجهادية المختلفة, ونظرا لحساسية الموقف المتعلقة بهذا التيار فإننا لن يمكننا أن نكشف عن هوية هذه المصادر و ذلك بناء على طلبهم.

رغم أن مدينة بنى سويف هى مسقط رأس الدكتور سيد و موطنه إلا أنه درس بكلية الطب بجامعة القاهرة حتى تخرج بها وعين معيدا فيها وكان من نفس دفعة كل من رفيق دربه أيمن الظواهرى و أمير عام أحد أكبر تنظيمات الجهاد مصطفى يسرى, كما تخصص في نفس التخصص الذى تخصص فيه أيمن الظواهرى و مصطفى يسرى وهو الجراحة.

و إذا كان سيد إمام من نفس دفعة مصطفى يسرى و في نفس تخصصه فإنه لم يكن معه فى نفس تنظيم الجهاد الذى انتمى إليه مصطفى يسرى من تاريخ سابق إذ كان مصطفى ينتمى لتنظيم صالح سرية, لكن كان سيد مثله مثل أيمن ينتمى لتنظيم الجهاد الذى أسسه المهندس إسماعيل طنطاوى عام 1965, ثم جدده و أعاد تأسيسه كل من أيمن الظواهرى وعصام القمرى و سيد إمام نفسه بعد عام 1974م.

ظل سيد إمام يعمل من خلال هذا التنظيم حتى إغتيال السادات في 6 أكتوبر 1981م, وبعدها بأيام زار عبود الزمر في مخبئه بالهرم وكان حينئذ بصحبة كل من أيمن الظواهرى و الدكتور الصيدلى أمين الدميرى.وكان أمين الدميرى من قادة تنظيم أيمن كما كان حلقة الوصل بين ينظيم أيمن وتنظيم عبود, و أمين هو الذى سعى في دمج التنظيمين ببعضهما البعض قبيل مقتل السادات بالإتفاق مع طارق الزمر.

وكان هذا اللقاء الأخير بهدف التفكير وإتخاذ القرار بشأن ما ينبغى عمله بالتعاون بين التنظيمين بعيد إغتيال السادات، وفي هذا الإجتماع عرض عبود رأيه بتصعيد عمليات الجهاد العسكرية فيما يشبه حرب عصابات, بينما عرض أيمن وسيد إمام على عبود أن يضمنا خروجه من مصر آمنا إلى مكان آمن خارج مصر مع تأمين سائر قادة جماعة عبود داخل مصر في مخابئ آمنة مقابل إيقاف أى أعمال عسكرية لأنها في نظرهم تضر بتيار الجهاد وبسائر التيارات الإسلامية بمصر حينئذ.

و إجتمع عبود بأركان مشورته وقرر رفض العرض.

وخرج الثلاثة من عند عبود آسفين ، وفي الطريق قال سيد إمام لصحابيه مشيرا لعبود الزمر وتنظيمه إن هؤلاء ناس يغرقون و من يقترب منهم سيغرق ولو علمت أن أحدا منكم اتصل بهم مرة أخرى فاننى سأقاطعكم و أنهى كل صلة بكم.

وبعد ذلك خالفوا أمره لهم وقابل عصام القمرى و أخرون عبود الزمر, لكن سيد إمام أنفذ تهديده وقاطع المجموعة كلها حيث تم القبض عليهم جميعا ضمن القبض على مجموعة عبود الزمر, أما سيد إمام فقد ظل مختفيا في مسكن لا يعرفه أحد من رفاقه ستة أشهر ثم غادر مصر بجواز سفر مزيف, حيث اتجه لدولة عربية وعمل في عمل بسيط غير تخصصه لفترة طويلة ثم إتجه إلى باكستان حيث عمل بمستشفى هناك لعلاج اللاجئين الأفغان حتى صار مديرا لها, وهناك اشتهر لدى النخبة من المجاهدين العرب بعلمه وفقهه حتى صار بمثابة المرجعية الشرعية لمعظم منظرى التيارات الجهادية في العالم لاسيما بعدما قابل أيمن الظواهرى واتفق معه على أن يقود سيد إمام تنظيما مكونا من أكبر تنظيمين جهاديين مصريين حينذاك وهما تنظيم عبود الزمر وتنظيم أيمن الظواهرى و كان يمثل الأول حينئذ أحمد سلامة مبروك بينما مثل الثانى أيمن نفسه وذلك عام 1989م.

ظل سيد إمام أميرا عاما لهذا التنظيم الموسع إلى أن سقط عدد كبير من مجموعات التنظيم في مصر في قبضة الأجهزة الأمنية فيما عرف إعلاميا بقضية طلائع الفتح عام 1993م, وحينئذ جرت محاسبات و تقويمات ومشاجرات وأعقب ذلك خلافات و إنشقاقات ثم إعادة ترتيب داخل ما تبقى من التنظيم, وكان الدكتور سيد إمام يعارض إقامة مجلس شورى ثابت لأنه يرى أن ذلك بدعة تسربت للحركات الإسلامية من تأثرها بالأفكار الغربية ويستدل على ذلك بأن النبى صلى الله عليه وآله وخلفائه الراشدين لم يكن لهم مجلس شورى محدد بل يكثرون من الشورى بدون هيئة محددة وثابتة من المستشارين, كما كان يرى أن الشورى ليست ملزمة للأمير, ولما كان المزاج العام لدى قادة الجهاد حينئذ أصبح عكس هذا بعد الهزيمة التى تلقوها على أيدى الأجهزة المصرية حينئذ (منتصف1993م) كما كان رجال سيد إمام هم من الملومين في هذه الهزيمة فقد تقرر أن يترك سيد إمام القيادة العامة ليتولاها الرجل الثانى حينئذ أيمن الظواهرى ويتفرغ سيد إمام لرئاسة لجنة الفتوى والبحوث الشرعية بجماعة الجهاد.

و أثناء هذه الرئاسة ألف كتابه المثير للجدل الجامع في طلب العلم الشريف, وبسبب أنه مال في هذا الكتاب للتشدد وتكفير ليس فقط طوائف من المسلمين بل مال فيه لتكفير بعض الحركات الإسلامية أو بعض قادتها فإن قيادة تنظيم الجهاد حينئذ حذفت أكثر من ثلثى الكتاب ثم نشرته تحت اسم أخر هو "الهادى إلى سبيل الرشاد في معالم الجهاد والإعتقاد" و حينئذ نشبت المعركة الفكرية بين سيد إمام ومعه قلة من تلامذته من جهة وبين أيمن الظواهرى وبقية تنظيم الجهاد من جهة أخرى, ولجأ سيد إمام لياسر السرى الذى لم يكن في يوم من الأيام عضوا في جماعة الجهاد كى ينشر له الكتاب عبر المرصد الإسلامى بلندن ونشره فعلا كاملا و من هناك انتشرت النسخة الكاملة الأصلية للكتاب.

وانشق حينئذ سيد إمام عن جماعة الجهاد و أصدر بيانا ضد جماعة الجهاد قال فيه أنها جماعة ضالة أضل من حكام العالم الإسلامى ومقاومتها أوجب من مقاومة هؤلاء الحكام, وقد وزع هذا البيان في أوساط الجهاديين في كل من اليمن والسعودية وغيرهما.

وعندما سئل أيمن الظواهرى عن سبب حذفه لأكثر من نصف كتاب الجامع رغم أنه أصدر كتابه "الحصاد المر" عن الإخوان المسلمين رغم معارضة أغلب أعضاء وقادة الجهاد, فقال كتاب الحصاد ألفته على نفقتى الخاصة معبرا عن رأى الشخصى و نشر باسمى بينما كتاب الجامع صادر عن لجنة البحوث بالتنظيم ليحمل فكر وعقيدة التنظيم وتم الإنفاق عليه من مال التنظيم وسيصدر باسم التنظيم فلابد أن يعبر عن رأى التنظيم لا رأى الشيخ سيد إمام.

و مع ذلك كله ظل كتاب "العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله" هو أهم مرجعيات جماعة الجهاد المصرية بقيادة أيمن الظواهرى ومن تولى بعده.

كما ظل ذلك الكتاب وكذلك كتاب "الجامع في طلب العلم الشريف" هما أهم مرجعيات التيار الجهادى العالمى بكل تنظيماته.

و ظل سيد إمام رمزا و مرجعية شرعية و فكرية لهذا التيار رغم انكفاء سيد على نفسه في اليمن إلى أن تم القبض عليه وتسليمه إلى مصر عام 2003م.

وما زال لسيد إمام إحترامه لدى الجهاديين في العالم كله برغم معارضة أغلبهم لوثيقة الجهاد ومراجعات الجهاد التى تبناها الدكتور سيد إمام.

أما دور الدكتور سيد في مراجعات الجهاد فهى قصة أخرى لم تنته فصولها بعد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 نشرت هذا التقرير في جريدة الدستور بتاريخ30 نوفمبر2007م بعنوان"مفاجأة: أيمن الظواهرى يتهم سيد إمام زميله في كلية الطب و مؤلف مراجعات الجهاد بأنه متشدد وتكفيرى".